
يشكل الخراج الدماغي المعروف بتعفن الدماغ تهديدا خطيرا على الحياة ويصنف ضمن أخطر الأمراض العصبية التي تستدعي تدخلا طبيا عاجلا إذ إن التأخر في علاجه قد يفضي إلى عواقب وخيمة تصل إلى الوفاة ويظهر على شكل أعراض حادة مثل صداع شديد ومفاجئ.
وتتنوع مؤشرات الإصابة بهذه الحالة لتشمل الحمى والقشعريرة التي تعكس وجود التهاب داخلي حاد وقد يعاني المريض من الغثيان والقيء المستمر نتيجة لارتفاع الضغط داخل الجمجمة. كما قد تظهر تشنجات ونوبات عصبية مفاجئة أو ضعف وشلل في أحد أطراف الجسم وذلك بحسب المنطقة المتأثرة من الدماغ وقد يصل الأمر في الحالات المتقدمة إلى اضطراب في الوعي والتركيز أو حتى الدخول في غيبوبة.
تنشأ هذه الحالة المرضية النادرة عادة نتيجة عدوى بكتيرية أو فطرية تصل إلى أنسجة المخ عبر مسارات مختلفة. فقد تنتقل العدوى عن طريق مجرى الدم من عضو آخر مصاب في الجسم مثل الرئتين أو القلب أو قد تمتد مباشرة من بؤر التهابية قريبة كالتهابات الأذن الوسطى أو الجيوب الأنفية المزمنة. كما أن الإصابات المباشرة في الرأس الناجمة عن الحوادث أو التي تلي العمليات الجراحية في الجمجمة تعد من الأسباب الرئيسية.
يعتمد علاج خراج الدماغ على نهج علاجي متعدد الجوانب يبدأ عادة بإعطاء جرعات عالية من المضادات الحيوية أو الفطرية القوية عبر الوريد بهدف القضاء على الميكروب المسبب للعدوى. وفي الحالات التي يكون فيها الخراج كبيرا أو يسبب ضغطا على المراكز الحيوية في الدماغ يصبح التدخل الجراحي ضروريا لتصريف التجمع الصديدي وتخفيف الضغط وغالبا ما يتم الجمع بين العلاج الدوائي والجراحي لتحقيق أفضل النتائج.
يعد الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب أمراض معينة أو تناولهم لأدوية مثبطة للمناعة أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض الخطير. ولوحظ أيضا أن الأطفال الذين يولدون بتشوهات خلقية في القلب قد يكونون أكثر قابلية لانتقال العدوى إلى أدمغتهم بسهولة مقارنة بغيرهم.
وتتضمن الخطة العلاجية أيضا استخدام أدوية مساعدة مثل الكورتيزون أو مدرات البول لتقليل التورم المحيط بالخراج وتخفيف الضغط داخل الدماغ. ويخضع المريض لمتابعة دقيقة باستخدام الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لمراقبة استجابة الخراج للعلاج والتأكد من عدم تطوره.
على الرغم من التطور الكبير في أساليب التشخيص والعلاج فإن هذه الحالة قد تترك آثارا دائمة حتى بعد الشفاء. وقد يعاني بعض المتعافين من مضاعفات عصبية طويلة الأمد مثل نوبات الصرع أو ضعف في الحركة أو صعوبات في الذاكرة والكلام. ولا تزال نسب الوفاة تتراوح بين 5 إلى 15 بالمئة وتزداد الخطورة بشكل كبير في حال انفجار الخراج داخل الدماغ أو التأخر في بدء العلاج.
ويشدد الأطباء على أهمية عدم إهمال علاج أي عدوى بكتيرية في الجسم خاصة في منطقة الرأس مثل التهابات الأذن والجيوب الأنفية أو خراجات الأسنان لأنها قد تكون البوابة الخفية لوصول العدوى إلى الدماغ. ويوصى بالتوجه الفوري للطبيب عند الإحساس بأي صداع حاد وغير اعتيادي مصحوب بأعراض عصبية أخرى.