
يعد تناول ملعقة من العسل الطبيعي على معدة فارغة في الصباح عادة متجذرة في التقاليد الصحية القديمة والتي أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة فعاليتها الكبيرة. هذه الممارسة البسيطة لا تقتصر على كونها مجرد تقليد بل هي استثمار يومي في الصحة العامة لما يمتلكه العسل من مكونات فريدة ومضادات أكسدة قوية.
يعمل العسل فور وصوله إلى الجسم كعامل منشط للطاقة الطبيعية ومحفز للوظائف الذهنية. فعلى عكس السكريات المصنعة التي تسبب تقلبات حادة في مستويات السكر في الدم يقدم العسل مزيجا متوازنا من الجلوكوز والفركتوز يضمن إمداد الجسم والعقل بوقود ثابت ومستمر. هذا التأثير يجعله مثاليا لبدء اليوم بنشاط وحيوية ويساهم في تحسين الذاكرة قصيرة المدى وزيادة القدرة على التركيز وهو ما يفسر اعتماد الرياضيين عليه كمصدر سريع للطاقة قبل ممارسة التمارين.
وتشير الدكتورة اماندا كالدويل استشاري التغذية العلاجية إلى أن الفوائد تتجاوز مجرد الطاقة لتشمل تعزيزا كبيرا لجهاز المناعة. فالعسل غني بمركبات الفينولات والفلافونويدات التي تمنحه خصائص قوية مضادة للبكتيريا والفيروسات. تناول ملعقة منه يوميا يعزز قدرة الجسم على صد العدوى ومقاومة الأمراض الشائعة مثل نزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي كما أنه يحتوي على بيروكسيد الهيدروجين الطبيعي الذي يعمل كمطهر فعال.
يؤدي العسل دورا محوريا في دعم صحة الجهاز الهضمي حيث يساعد على تهدئة المعدة وتقليل الحموضة الزائدة. إن تناوله على الريق خاصة عند مزجه بالماء الدافئ يعمل بمثابة غسول طبيعي للأمعاء ويساهم في إعادة التوازن للبكتيريا النافعة مما يخفف من أعراض القولون العصبي ويمنع تكاثر الميكروبات الضارة. هذا التأثير المهدئ يمتد ليشمل الحلق والجهاز التنفسي فهو يغلف جدار الحلق بطبقة واقية تخفف التهيجات وتقلل من حدة السعال الصباحي.
لا تقتصر تأثيرات العسل الإيجابية على الأعضاء الداخلية بل تمتد لتنعكس على المظهر الخارجي. فمحتواه من الفيتامينات والمعادن مثل فيتامين ب والحديد والمغنيسيوم يساعد على ترطيب الجسم من الداخل وهو ما يظهر جليا على نضارة البشرة وإشراقها. مع الاستمرارية في هذه العادة الصباحية يصبح الجلد أكثر حيوية ومقاومة للجفاف.
كما أظهرت الدراسات الحديثة دور العسل في دعم صحة القلب والأوعية الدموية. فمضادات الأكسدة القوية الموجودة فيه تساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار ورفع مستويات الكوليسترول الجيد. الاستهلاك المنتظم للعسل يساعد أيضا في تحسين مرونة الشرايين وتنظيم ضغط الدم مما يجعله عاملا وقائيا مساعدا ضد أمراض القلب.
ولتحقيق أقصى استفادة من هذه العادة الصحية ينصح بتناول ملعقة صغيرة من العسل الطبيعي الخام غير المعالج حراريا. يمكن إذابة العسل في كوب من الماء الفاتر وإضافة بضع قطرات من الليمون لتعزيز تأثيره. ومن الأفضل الانتظار لمدة تتراوح بين عشرين وثلاثين دقيقة قبل تناول وجبة الإفطار للسماح للجسم بامتصاص مكوناته الغذائية بشكل كامل.