
مع انقضاء يوم دراسي طويل حافل بالمسؤوليات تجد الأمهات أنفسهن في مواجهة الإرهاق الشديد حيث تتضاعف مهامهن اليومية من إعداد الأبناء للمدرسة ومتابعة دروسهم وصولا إلى إدارة شؤون المنزل. وتؤكد خبيرة تطوير الذات شيرين محمود أن استعادة الأم لطاقتها ليست رفاهية بل ضرورة حتمية للاستمرار في العطاء دون الشعور بالإنهاك.
أحد أهم أسباب القلق الليلي الذي يواجه الأمهات هو التفكير المستمر في مهام اليوم التالي من تجهيز وجبات وتحضير ملابس ومتابعة لمذاكرة الأبناء. وللتغلب على هذا الشعور يمكن تخصيص ربع ساعة فقط قبل النوم لتحضير ما يمكن إنجازه مسبقا مثل تجهيز حقائب المدرسة واختيار ملابس الصباح ووضع قائمة مختصرة بمهام الغد. هذه الخطوات البسيطة تمنح شعورا بالسيطرة وتقلل التوتر الصباحي وتساعد على النوم بطمأنينة.
إن تفريغ المشاعر وطاقة اليوم السلبية قبل النوم يساعد العقل على الهدوء والاستعداد للراحة بدلا من الدخول في دوامة التفكير الزائد أو جلد الذات. يمكن تجربة الكتابة في مفكرة صغيرة عن ثلاثة أمور مرهقة حدثت خلال اليوم وثلاثة أخرى تدعو للامتنان. هذه العادة البسيطة تعيد تركيز الانتباه نحو الجوانب الإيجابية وتساعد على التخلص من الأفكار المزعجة.
كما أن الدعم النفسي يلعب دورا محوريا في التخفيف من الضغط. إذا شعرت الأم أن الإرهاق النفسي يسيطر عليها فمن المفيد التحدث مع صديقة مقربة أو أخت أو أي شخص تثق به. فمجرد تبادل الحديث ومشاركة المشاعر مع شخص يقدر المجهود المبذول يقلل من العبء النفسي بشكل ملحوظ. الأم القوية ليست التي لا تشعر بالتعب بل هي التي تدرك متى تحتاج إلى إعادة شحن طاقتها.
ولتهيئة الجسم والعقل للراحة يمكن ممارسة تمارين بسيطة للتنفس أو التمدد الخفيف لمدة خمس دقائق قبل النوم مباشرة. يساعد هذا على استرخاء العضلات بعد يوم طويل من الحركة. يمكن الاستلقاء على الظهر مع رفع الذراعين للأعلى وأخذ نفس عميق من الأنف وإخراجه ببطء من الفم وتكرار الحركة عدة مرات. كما أن ممارسة وضعية الطفل في اليوجا تهدئ الجسم وتخفف آلام الظهر والرقبة.
تعتبر اللحظات التي تسبق النوم وقتا مثاليا لتدليل النفس بطقوس بسيطة تعزز الاسترخاء. قد لا يتوفر الوقت لسبا منزلي كامل لكن يمكن تجربة غسول دافئ للوجه برائحة اللافندر أو ماء الورد أو ترطيب اليدين بزيت طبيعي مثل زيت اللوز أو جوز الهند أو وضع كمادات دافئة على الرقبة لتخفيف التشنجات. هذه اللمسات لا تستغرق أكثر من خمس دقائق لكنها ترسل إشارة للجسم بأن وقت الراحة قد حان.
يجب الابتعاد تماما عن استخدام الهاتف المحمول قبل ساعة من موعد النوم. فالضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يقلل إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم كما أن تصفح وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار يثير القلق. يمكن استبدال هذه العادة بقراءة كتاب خفيف أو الاستماع لموسيقى هادئة أو تلاوة آيات قرآنية فكلها عادات تهدئ الذهن وتغذي الروح.
من الضروري كذلك الانفصال عن كل الأصوات المحيطة قبل النوم دون هاتف أو أطفال أو شاشة تلفزيون. إن الجلوس في هدوء تام لمدة عشر دقائق فقط يساعد الجهاز العصبي على الاسترخاء ويقلل من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول. يمكن الجلوس في مكان هادئ بالمنزل أو على السرير مع إضاءة خافتة وإغماض العينين والتنفس بعمق وبطء.
إن تحويل غرفة النوم إلى مساحة مقدسة للهدوء يعزز جودة الراحة. يجب الحرص على أن تكون الغرفة مهيأة للنوم من خلال ضوء خافت ودرجة حرارة مناسبة ووسادة مريحة. يمكن استخدام روائح لطيفة مثل زيت اللافندر. ومن المهم تجنب التفكير في المشكلات داخل هذه المساحة وجعلها مكانا للهدوء فقط وليس امتدادا للمهام اليومية.
يمكن أيضا اعتماد عادة شرب مشروب دافئ ومهدئ قبل النوم بدلا من المشروبات التي تحتوي على الكافيين. يعتبر شاي البابونج خيارا ممتازا لتهدئة الأعصاب والنعناع الدافئ يقلل التوتر كما أن الحليب الدافئ مع العسل يحسن جودة النوم. هذا الطقس البسيط يصبح إشارة للجسم بأن وقت الاسترخاء قد بدأ بالفعل.