تجربة السعودية بمكافحة الفساد.. نموذج رائد يقود الشرق الأوسط لاسترداد الأموال المنهوبة

تجربة السعودية بمكافحة الفساد.. نموذج رائد يقود الشرق الأوسط لاسترداد الأموال المنهوبة
تجربة السعودية بمكافحة الفساد.. نموذج رائد يقود الشرق الأوسط لاسترداد الأموال المنهوبة

في خطوة تهدف إلى توحيد الجهود لمواجهة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة أعلنت 21 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن إطلاق شبكة إقليمية متخصصة في استرداد الأصول. هذا التحالف الجديد الذي يحمل اسم MENA-ARIN يأتي كاستجابة مباشرة للتفاوت الكبير في مؤشرات النزاهة بين دول المنطقة ويسعى لتأسيس منصة موحدة لملاحقة الأموال المتسربة عبر المعاملات غير المشروعة وشبكات النفوذ.

تتولى المملكة العربية السعودية ممثلة في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد مهمة الأمانة الدائمة لهذه الشبكة الوليدة. ويتركز دورها المحوري في إدارة عمليات التنسيق الفني وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء وتوفير القواعد الإجرائية التي من شأنها تسهيل التواصل المباشر بين الهيئات المالية والقضائية في المنطقة بما يسمح لكل دولة بتطوير آلياتها الوطنية الخاصة دون أي وصاية خارجية.

كان التفاوت الملحوظ في ترتيب دول المنطقة ضمن مؤشر النزاهة العالمي لعام 2024 الدافع الأساسي وراء هذا التحرك الجماعي. فبينما تقدمت دول مثل الإمارات وقطر والسعودية لتحتل المراتب الأولى عربيا بمتوسط 70 نقطة تراوحت مؤشرات دول أخرى كالأردن والمغرب وتونس بين 40 و50 نقطة. في المقابل سجلت دول أخرى معدلات تقل عن 20 نقطة وهو ما يعكس ضعف أنظمتها الرقابية وتضارب الصلاحيات داخلها مما فرض ضرورة التحرك لتضييق هذه الفجوة ورفع كفاءة أجهزة الرقابة.

يعتمد التحالف الجديد على مبدأ مضايقة الفساد من خلال ربط الأنظمة الرقابية للدول الأعضاء ببنية معلوماتية مشتركة. هذه البنية تهدف إلى متابعة حركة الأصول المشبوهة بشكل دقيق وإغلاق الثغرات التي يستغلها الفاسدون داخل المؤسسات الحكومية. إن كل عملية استرداد ناجحة لا تمثل عودة للمال فحسب بل هي استعادة للثقة في مؤسسات الدولة وتعزيز لهيبتها في إدارة مواردها العامة ومنحها حضورا أقوى في مؤشرات الشفافية الدولية.

تمثل الشبكة الإقليمية تحولا استراتيجيا يؤسس لتعاون عربي مستدام في مجال حماية المال العام. وقد انطلقت هذه الرؤية من مدينة جدة لتعلن أن النزاهة لم تعد مجرد قيمة أخلاقية بل أصبحت مشروعا اقتصاديا وسياديا ضروريا لقيادة التنمية وتحصين الدول ضد الآثار المدمرة للفساد على مستقبلها المالي والاقتصادي. ويفتح هذا المسار التعاوني آفاقا جديدة في التتبع والتجميد والمصادرة للأموال غير المشروعة.