عامان على الحرب.. خريطة الصراع تتغير فإلى أين تتجه الأوضاع الآن

بعد انقضاء عامين كاملين على اندلاع الحرب في قطاع غزة ما زالت تداعياتها العميقة تعيد تشكيل المشهد في الشرق الأوسط برمته حيث تحولت المواجهة التي بدأت بعملية لحركة حماس إلى صراع مفتوح على جبهات متعددة لم يتمكن أي طرف فيه من تحقيق نصر حاسم وسط حالة من الغموض تلف مستقبل المنطقة.

على الصعيد الدولي شهدت صورة إسرائيل تآكلا ملحوظا في الأوساط الغربية مع تصاعد حدة الانتقادات الموجهة لها بارتكاب جرائم حرب وسياسات تجويع ممنهجة. وفي المقابل اكتسبت القضية الفلسطينية زخما دوليا غير مسبوق وعادت لتتصدر أجندة الرأي العام العالمي مدفوعة بجهود دبلوماسية تقودها المملكة العربية السعودية أعادت طرح حل الدولتين بقوة على الساحة الدولية.

على الصعيد السياسي تجد الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو نفسها في مأزق حقيقي. فرغم الخسائر الهائلة التي لحقت بالفلسطينيين وحركة حماس لم تنجح إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة بالكامل. ويتزايد هذا الإخفاق مع الضغوط الداخلية الشديدة من أهالي الأسرى الذين يطالبون بعودتهم ومن المعارضة السياسية التي تتهم نتنياهو بتعمد إطالة أمد الصراع لتحقيق مكاسب شخصية بالإضافة إلى الضغط الخارجي المتنامي لإقرار خطة السلام الأمريكية.

أسفرت هذه الحرب الطاحنة عن تحويل القطاع إلى مساحة واسعة من الركام والدمار الشامل. سقط عشرات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح ومفقود تحت الأنقاض بينما أجبرت العمليات العسكرية مئات الآلاف من السكان المدنيين على النزوح القسري والعيش في ظروف إنسانية كارثية.

لقد تجاوزت حرب غزة بعد عامين من استمرارها كونها مجرد مواجهة عسكرية لتصبح صراعا محوريا أعاد تعريف التوازنات في منطقة الشرق الأوسط. ومن أبرز ملامح هذا التغيير الجذري هو تصاعد نفوذ وأدوار الأطراف الفاعلة من غير الدول وعودة القضية الفلسطينية لتحتل موقعها المركزي في قلب اهتمامات المنطقة والعالم بعد سنوات طويلة من التهميش.