
شهدت أسواق المعادن الثمينة قفزة تاريخية حيث حطم سعر الذهب لأول مرة في تاريخه حاجز 4000 دولار للأونصة مسجلا صعودا بأكثر من واحد بالمئة في التعاملات الفورية. ويأتي هذا الارتفاع القياسي مدفوعا بحالة من عدم اليقين تسود المشهدين الجيوسياسي والاقتصادي العالمي مما يعزز إقبال المستثمرين على الأصول التي تعد ملاذا آمنا.
لم يقتصر الصعود على الذهب وحده بل لحقت به الفضة التي سجلت بدورها أعلى مستوى لها على الإطلاق لتواصل بذلك مسيرة مكاسبها اللافتة هذا العام. وارتفعت أسعار الفضة بنسبة 3.2 بالمئة لتصل إلى 49.39 دولار للأونصة وذلك بعد أن لامست في وقت سابق من الجلسة مستوى 49.57 دولار وهو رقم قياسي جديد.
ويعزى هذا الأداء القوي للذهب والفضة إلى مجموعة متكاملة من العوامل الداعمة التي هيمنت على الأسواق خلال العام الحالي. وتتضمن هذه العوامل توقعات متزايدة بأن يبدأ مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي دورة لخفض أسعار الفائدة وتنامي المخاوف السياسية والاقتصادية وعمليات شراء قوية ومنتظمة من قبل البنوك المركزية حول العالم وتراجع قيمة الدولار الأمريكي.
يعتبر الذهب أحد أفضل الأصول أداء خلال العام الجاري متفوقا على مكاسب أسواق الأسهم العالمية والبتكوين في حين عانى الدولار الأمريكي والنفط الخام من خسائر. وارتفعت أسعار المعدن الأصفر بنسبة 54 بالمئة منذ بداية العام لتضاف إلى زيادة بلغت 27 بالمئة حققها في العام الماضي ما يؤكد مكانته كمخزن آمن للقيمة في أوقات الاضطراب.
وفي سياق متصل تترقب الأسواق قرار الاحتياطي الفدرالي خلال اجتماعه القادم هذا الشهر وسط توقعات بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع احتمالية خفض آخر قبل نهاية العام. وقد كشف محضر اجتماع البنك المركزي الأمريكي الأخير أن المسؤولين اتفقوا على أن المخاطر التي تهدد سوق العمل قد ارتفعت بما يكفي لتبرير خفض الفائدة لكن الكثيرين منهم أبدوا حذرا بشأن عودة التضخم للارتفاع.
من ناحية أخرى يرى محللون أن هناك حالة من الخوف من تفويت الفرصة تدفع المزيد من المستثمرين نحو المعادن النفيسة. وقد انعكس هذا الإقبال في صورة تدفقات ضخمة إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب والتي بلغت 64 مليار دولار منذ بداية العام وسجل شهر سبتمبر وحده رقما قياسيا بتدفقات وصلت إلى 17.3 مليار دولار.
وتعليقا على هذا المشهد أشار مدير متخصص في تداولات الذهب والفضة إلى أن قوة المعدن الأصفر تعكس بيئة اقتصادية كلية وجيوسياسية إيجابية للغاية لأصول الملاذ الآمن. وأضاف أنه مع استمرار هذه العوامل المحفزة حتى عام 2026 فإنه لا يرى أي سبب حقيقي قد يدفع أسعار الذهب إلى التراجع بشكل كبير في الوقت الحالي متوقعا أن يواصل المعدن صعوده نحو مستوى 5000 دولار للأونصة.
ولم يقتصر الأداء الإيجابي على الذهب والفضة فقط حيث شهدت المعادن النفيسة الأخرى ارتفاعات ملحوظة. فقد زادت أسعار البلاتين بنسبة 3 بالمئة لتصل إلى 1666.47 دولار وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2013. كما قفز سعر البلاديوم بنسبة 8.4 بالمئة مسجلا 1449.69 دولار وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين.