
يمثل السعال أحد أبرز الأعراض الصحية المنتشرة التي تستدعي فهم أسبابها العميقة فهو ليس مرضا بحد ذاته بل إشارة أو رد فعل من الجسم لوجود مشكلة صحية تتطلب التشخيص الدقيق فمعرفة المسبب الحقيقي للسعال تعد الخطوة الأولى والأساسية لوضع خطة علاج فعالة وتجنب المضاعفات المحتملة.
تعتبر العدوى الفيروسية والبكتيرية من أكثر المسببات شيوعا للسعال حيث تؤدي أمراض مثل نزلات البرد والإنفلونزا والتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي وحتى السعال الديكي إلى تهيج الجهاز التنفسي وإثارة السعال كآلية دفاعية لطرد مسببات المرض والمخاط الزائد كما تلعب الحساسية دورا رئيسيا لدى الكثيرين حيث يؤدي التعرض لمواد مثل حبوب اللقاح أو وبر الحيوانات الأليفة أو جراثيم العفن إلى استجابة تحسسية ينتج عنها سعال متكرر.
هناك أيضا مجموعة من الأمراض المزمنة التي يرتبط بها السعال بشكل وثيق وعلى رأسها الربو وحساسية الصدر التي تسبب تضيقا في الممرات الهوائية بالإضافة إلى مرض الانسداد الرئوي المزمن وأمراض الرئة الأخرى طويلة الأمد وفي سياق مختلف تماما يمكن أن يكون ارتجاع حمض المعدة أو ما يعرف بمرض الارتجاع المعدي المريئي سببا خفيا للسعال المزمن حيث يؤدي صعود الحمض إلى الحلق إلى تهيجه ويضاف إلى ذلك حالة التنقيط الأنفي الخلفي التي تسبب نزول الإفرازات من الأنف إلى الحلق مما يثير السعال.
لا تقتصر مسببات السعال على الأمراض فقط بل قد تكون نتيجة لعوامل خارجية أو آثار جانبية لبعض العلاجات فالتعرض المستمر للمهيجات البيئية مثل دخان السجائر أو الغبار أو الروائح الكيميائية القوية يمكن أن يؤدي إلى سعال مستمر كما أن بعض الأدوية المستخدمة لعلاج أمراض شائعة قد تسبب السعال كأثر جانبي ومن أشهرها أدوية مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع بخاخات الأنف.
وفي حالات أقل شيوعا قد يكون السعال المستمر علامة تحذيرية لمشكلات صحية أكثر خطورة مثل بعض أمراض القلب أو اضطرابات الأحبال الصوتية أو حتى سرطانات الرئة ولهذا السبب قد يلجأ الأطباء إلى إجراءات تشخيصية متقدمة مثل تصوير الصدر بالأشعة السينية أو اختبارات وظائف الرئة لتحديد السبب بدقة عندما لا تكون الأعراض الأخرى واضحة.