
يعد التهاب الأعصاب السكري أحد أخطر مضاعفات مرض السكر المنتشر بشكل واسع نتيجة لأنماط الحياة والعادات الغذائية الحديثة حيث يتسبب هذا الاعتلال العصبي في تلف تدريجي للأعصاب خاصة الطرفية منها مما يفتح الباب أمام مشاكل صحية معقدة تهدد جودة حياة المريض بشكل مباشر.
وتوضح استشارية الباطنة والغدد والسكر وفاء شريف أن السبب الرئيسي لتلف الأعصاب هو ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم لفترات طويلة بالإضافة إلى عوامل أخرى مساعدة مثل ارتفاع ضغط الدم ومستويات الدهون مما يؤدي إلى تدمير الألياف العصبية وتعطيل قدرتها على نقل الإشارات بفاعلية.
تبدأ الأعراض غالبا بشكل تدريجي في الأطراف حيث يشعر المريض بإحساس بالوخز أو التنميل أو الحرقان في القدمين واليدين ومع تفاقم الحالة يتطور الأمر إلى فقدان تدريجي للإحساس بالحرارة والألم وهو ما يجعل المريض عرضة للإصابة بجروح أو حروق دون أن يشعر بها.
وفي بعض الحالات قد يعاني المصابون من آلام حادة ومزمنة تعرف بالاعتلال العصبي المؤلم وتتخذ شكل ألم لاذع يشبه الصدمات الكهربائية مع زيادة شديدة في الحساسية تجاه اللمس بحيث يصبح مجرد ملامسة بسيطة للجلد مؤلما للغاية.
لا يقتصر تأثير التهاب الأعصاب على الأطراف فقط بل قد يمتد ليشمل الأعصاب التي تتحكم في الأعضاء الداخلية مما يسبب مجموعة من المشاكل الخطيرة مثل هبوط مفاجئ في ضغط الدم عند الوقوف واضطرابات في الجهاز الهضمي تتراوح بين الإسهال والإمساك المزمن بالإضافة إلى الغثيان والقيء ومشاكل في التحكم بالمثانة.
من المضاعفات الخفية والخطيرة أيضا فقدان القدرة على الشعور بأعراض انخفاض السكر في الدم وهو ما يعرض حياة المريض للخطر حيث لا يدرك حاجته العاجلة لرفع مستوى السكر لديه كما يمكن أن يتأثر الجهاز العصبي اللاإرادي مسببا اضطرابا في نبضات القلب ومشكلات جنسية لدى الرجال والنساء.
ومع استمرار تلف الأعصاب الحركية تبدأ العضلات في الضعف تدريجيا مما يؤدي إلى صعوبات في التوازن والمشي وتقلصات عضلية مؤلمة وفي الوقت نفسه يتسبب ضعف الدورة الدموية والأعصاب في بطء التئام الجروح وزيادة خطر تعرضها للعدوى البكتيرية والفطرية.
تتلاقى كل هذه العوامل لتزيد من خطر تكون تقرحات القدم السكرية فبسبب فقدان الإحساس وسوء التروية الدموية قد تتطور الجروح البسيطة إلى قرح عميقة تصاب بالعدوى التي قد تصل إلى العظام وفي الحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج يصبح البتر هو الحل الأخير لإنقاذ حياة المريض.
وللوقاية من هذه المضاعفات وعلاجها يشدد الأطباء على ضرورة التحكم الدقيق والمستمر في مستوى السكر بالدم باعتباره حجر الزاوية بالإضافة إلى ضبط مستويات ضغط الدم والكوليسترول ووصف بعض الأدوية التي يحددها الطبيب المختص للمساعدة في السيطرة على الألم المصاحب لالتهاب الأعصاب.