
يكشف خبراء التغذية عن القيمة الحقيقية للبيض كغذاء متكامل يفوق كونه مجرد وجبة سريعة حيث يعد بمثابة كبسولة طبيعية غنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة الفريدة. وتتجاوز فوائده حدود التغذية الأساسية لتدعم وظائف حيوية في الجسم مثل صحة الدماغ التي تعتمد على مغذيات قوية يوفرها البيض بكثرة.
خلافًا للاعتقاد الشائع الذي ساد لعقود طويلة لا يشكل تناول البيض خطرًا على صحة القلب لدى معظم الناس. فعلى الرغم من أن البيضة الكبيرة الواحدة تحتوي على حوالي 212 ملج من الكوليسترول إلا أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الكوليسترول الموجود في الطعام له تأثير محدود على مستويات الكوليسترول في الدم. يقوم الكبد بإنتاج الكوليسترول يوميًا ويعدل من إنتاجه بناءً على الكمية التي يحصل عليها الجسم من الغذاء فعندما تتناول كمية أكبر من الكوليسترول يقلل الكبد من إنتاجه الداخلي. بل إن الدراسات تظهر أن البيض يساهم في تحسين صورة الكوليسترول بالجسم عن طريق رفع مستوى الكوليسترول الجيد HDL وتحويل جزيئات الكوليسترول الضار LDL إلى نوع فرعي أكبر وأقل ضررًا وهو ما يقلل من احتمالية الإصابة بأمراض القلب.
تعتبر البيضة الكاملة واحدة من أكثر الأطعمة كثافة بالعناصر الغذائية على الإطلاق فهي تحتوي على كل ما يلزم لتحويل خلية واحدة إلى كائن حي متكامل. توفر البيضة الكبيرة ما يقارب 77 سعرة حرارية مصحوبة بستة جرامات من البروتين وخمسة جرامات من الدهون الصحية. وتكمن القيمة الحقيقية في محتواها من الفيتامينات والمعادن إذ تزود الجسم بنسب عالية من حاجته اليومية للسيلينيوم وفيتامين ب2 وفيتامين ب12 وفيتامين ب5 وفيتامين أ. ويحتوي صفار البيض بشكل خاص على معظم هذه المغذيات الدقيقة بما فيها كميات من الكالسيوم والحديد والبوتاسيوم والزنك وحمض الفوليك بينما يتكون البياض بشكل أساسي من البروتين.
يتميز البيض باحتوائه على مادة الكولين وهو عنصر غذائي حيوي غالبًا ما يتم تصنيفه ضمن فيتامينات ب المركبة. يلعب الكولين دورًا محوريًا في بناء أغشية الخلايا وتركيب الناقل العصبي أسيتيل كولين الضروري لوظائف الدماغ والذاكرة. وقد ربطت الدراسات نقص الكولين بزيادة خطر الإصابة بأمراض الكبد والقلب والاضطرابات العصبية كما يعد مهمًا بشكل خاص للنساء الحوامل لدوره في نمو دماغ الجنين وتقليل مخاطر العيوب الخلقية. ويعتبر صفار البيض أحد أغنى المصادر الغذائية بالكولين حيث توفر البيضة الواحدة أكثر من 100 ملج من هذه المادة الحيوية.
يحتل البروتين الموجود في البيض مكانة مرموقة كونه مصدرًا بروتينيًا عالي الجودة وذا تركيبة مثالية. تتكون البروتينات من أحماض أمينية ويحتاج الجسم إلى تسعة أنواع منها لا يستطيع تصنيعها بنفسه ويجب الحصول عليها من الطعام. يحتوي البيض على جميع هذه الأحماض الأمينية الأساسية بالنسب الصحيحة مما يجعله بروتينًا كاملاً. ولهذا السبب يستخدم البيض كمعيار لقياس جودة البروتين في الأطعمة الأخرى حيث تبلغ قيمته البيولوجية الدرجة الكاملة مئة.
لا تقتصر فوائد البيض على التغذية العامة بل تمتد لتشمل حماية صحة العينين. فصفار البيض غني بمضادات الأكسدة القوية مثل اللوتين والزياكسانثين اللذين يتراكمان في شبكية العين. تعمل هذه المركبات كمرشح طبيعي يحمي العين من أضرار أشعة الشمس ويقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالتقدم في العمر مثل إعتام عدسة العين والضمور البقعي وهما من الأسباب الرئيسية لفقدان البصر لدى كبار السن. وقد أظهرت الأبحاث أن الاستهلاك المنتظم لصفار البيض يرفع مستويات هذه المركبات الواقية في الدم بشكل ملحوظ.
يمكن أن يكون البيض حليفًا قويًا في رحلة إنقاص الوزن. نظرًا لكونه غنيًا بالبروتين والدهون ومنخفض الكربوهيدرات فإنه يسجل درجة عالية على مؤشر الشبع مما يعني أنه يساعد على الشعور بالامتلاء لفترة أطول ويقلل من استهلاك السعرات الحرارية في الوجبات اللاحقة. وأكدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تناولوا البيض في وجبة الإفطار فقدوا وزنًا ودهونًا بنسبة أكبر بكثير مقارنة بمن تناولوا وجبة بنفس السعرات الحرارية من الخبز. وشملت النتائج انخفاضًا ملحوظًا في مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر لدى مجموعة البيض.