
يُعد التسمم الغذائي حالة مرضية شائعة تصيب الجهاز الهضمي وتتسبب في تهيجه نتيجة استهلاك أطعمة أو مشروبات ملوثة. تظهر أعراضه عادة بشكل مفاجئ وتتضمن آلاما في المعدة وغثيانا وقيئا وإسهالا وقد يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة وصداع لكنها غالبا ما تكون قصيرة الأمد ويتعافى منها معظم المصابين خلال أيام قليلة دون الحاجة إلى علاج متخصص.
تتعدد مصادر التلوث التي تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي حيث تنتقل العدوى عبر جراثيم متنوعة. وتشمل المسببات الرئيسية البكتيريا والفيروسات والطفيليات فضلا عن بعض المواد الكيميائية السامة التي قد تجد طريقها إلى طعامنا. فالبكتيريا تنمو بشكل سريع في درجات حرارة تتراوح بين 4 و 60 درجة مئوية ومن أبرز أنواعها السالمونيلا التي توجد في الدواجن غير المطهوة جيدا والإشريكية القولونية الموجودة في اللحوم النيئة والليستريا في الأجبان الطرية. أما الفيروسات مثل نوروفيروس والتهاب الكبد الوبائي أ فتنتقل عبر المياه الملوثة أو الطعام الذي يعده شخص مصاب.
تختلف مدة ظهور الأعراض بشكل كبير اعتمادا على نوع الجرثومة المسببة للعدوى. فبعض أنواع البكتيريا مثل المكورات العنقودية الذهبية قد تسبب الأعراض خلال نصف ساعة فقط من تناول الطعام الملوث بينما قد تستغرق السالمونيلا عدة أيام لتظهر أعراضها. وفي حالات أخرى مثل الليستريا قد تمتد فترة الحضانة إلى أسابيع. وبشكل عام يشعر معظم المرضى بالتحسن في غضون 12 إلى 48 ساعة مع زوال الأعراض تدريجيا.
بالرغم من أن أي شخص معرض للإصابة بالتسمم الغذائي إلا أن هناك فئات معينة تكون أكثر عرضة للمضاعفات الخطيرة. تشمل هذه الفئات كبار السن الذين قد تكون مناعتهم أضعف والأطفال والرضع نظرا لعدم اكتمال نمو جهازهم المناعي وكذلك النساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من أمراض تضعف المناعة مثل مرضى السرطان أو زارعي الأعضاء.
تتراوح الأعراض الشائعة بين الإسهال الذي قد يكون دمويا والقيء المستمر وآلام المعدة والغثيان بالإضافة إلى الصداع والحمى. لكن هناك علامات تحذيرية خطيرة تستدعي التدخل الطبي الفوري وتشمل تشوش الرؤية أو الشعور بالوخز والخدر في الجلد والضعف العام الذي قد يصل إلى الشلل في حالات نادرة وشديدة مثل التسمم السجقي الناجم عن بكتيريا كلوستريديوم الموجودة في الأطعمة المعلبة بشكل غير صحيح.
يمكن التعامل مع معظم حالات التسمم الغذائي في المنزل من خلال التركيز على الراحة وتعويض السوائل. يعد الحفاظ على ترطيب الجسم أمرا حيويا لمنع الجفاف الناتج عن الإسهال والقيء وينصح بشرب محاليل الإماهة أو مص قطع الثلج. وعندما تبدأ الشهية بالعودة يجب البدء بأطعمة خفيفة على المعدة مثل الموز والأرز والخبز المحمص والبطاطس المسلوقة مع تجنب منتجات الألبان والأطعمة الدهنية والحارة والسكريات.
تتطلب بعض الحالات مراجعة الطبيب بشكل فوري خصوصا عند استمرار الإسهال لأكثر من ثلاثة أيام أو ارتفاع درجة الحرارة فوق 38.9 درجة مئوية. كما يجب طلب الرعاية الطبية عند ملاحظة وجود دم في القيء أو البراز أو عند العجز عن الاحتفاظ بأي سوائل في المعدة بسبب التقيؤ المتكرر. وتعد علامات الجفاف الشديد مثل جفاف الفم وقلة التبول سببا مهما للتوجه إلى قسم الطوارئ.
تبقى الوقاية هي الخطوة الأهم لتجنب الإصابة بالتسمم الغذائي. ويتم ذلك عبر اتباع ممارسات النظافة الصارمة مثل غسل اليدين جيدا قبل وبعد التعامل مع الطعام وتنظيف أسطح المطبخ وأدوات الطهي. ومن الضروري فصل اللحوم النيئة عن الأطعمة الأخرى لمنع التلوث المتبادل وطهي الطعام إلى درجات حرارة داخلية آمنة للقضاء على الجراثيم مع تبريد بقايا الطعام بسرعة والتخلص من أي طعام يبدو فاسدا أو ذا رائحة غريبة.