
يمثل التسمم الغذائي مشكلة صحية عامة وواسعة الانتشار على مستوى العالم حيث تشير التقديرات إلى أنه مسؤول عن آلاف الوفيات ومئات الآلاف من حالات الدخول إلى المستشفيات سنويا في بعض الدول وحدها. ورغم هذه الأرقام المثيرة للقلق فإن الوقاية من هذه الأمراض المنقولة بالغذاء ممكنة عبر اتباع إجراءات بسيطة وتجنب عادات خاطئة شائعة داخل المطبخ.
من أكثر الأخطاء غير الملحوظة والتي قد تؤدي إلى مخاطر صحية جسيمة ما يعرف بالتلوث المتبادل وهو انتقال الجراثيم من طعام إلى آخر أو من الأسطح الملوثة إلى الغذاء. ويحذر خبراء الأحياء الدقيقة الغذائية من أن هذه المشكلة تحدث عند استعمال نفس أدوات الطهي مثل ألواح التقطيع للحوم والخضروات دون تنظيفها جيدا بين الاستخدامين. كما أن غسل الدجاج النيء في حوض المطبخ يعد ممارسة خطيرة تنشر بكتيريا السالمونيلا على الأسطح المجاورة. ولتفادي ذلك يجب تخصيص ألواح تقطيع منفصلة للحوم النيئة وأخرى للخضروات مع ضرورة فصل الأطعمة غير المطهية عن الجاهزة للأكل في الثلاجة وأثناء التسوق وغسل جميع الأدوات بالماء الساخن والصابون بعد كل استخدام.
يشكل عدم طهي الطعام بشكل كامل خاصة اللحوم والدواجن والمأكولات البحرية خطرا كبيرا آخر. فاللحوم النيئة أو غير مكتملة النضج قد تحتوي على بكتيريا ضارة مثل الإشريكية القولونية والسالمونيلا التي تسبب أعراضا حادة. ويشدد الأطباء على أن تناول هذه الأطعمة يزيد من احتمالية الإصابة بعدوى بكتيرية قد تتطور إلى إسهال شديد وقيء وحمى. ولضمان القضاء التام على هذه الجراثيم ينصح باستخدام ميزان حرارة مخصص للطعام للتأكد من وصول درجة الحرارة الداخلية للحوم إلى المستوى الآمن كما يجب الامتناع عن تذوق الطعام قبل التأكد من نضجه الكامل.
تعتبر طريقة التعامل مع بقايا الطعام بعد الوجبات عاملا حاسما في سلامة الغذاء. فترك الأطعمة المطهية خارج الثلاجة لفترات طويلة يعد عادة خطيرة حيث تنمو البكتيريا المسببة للأمراض بسرعة في درجات الحرارة التي تتراوح بين 4 و60 درجة مئوية وهي المنطقة التي يطلق عليها الخبراء منطقة الخطر. القاعدة الأساسية لحفظ الطعام تقضي بضرورة وضع بقايا الوجبات في الثلاجة في غضون ساعتين من طهيها مع ضبط حرارة الثلاجة على 4 درجات مئوية أو أقل أما الأطعمة الساخنة فيجب إبقاؤها عند درجة حرارة أعلى من 60 درجة مئوية حتى موعد تقديمها للحد من أي فرصة لنمو البكتيريا.
تعد نظافة اليدين حجر الزاوية في الوقاية من الأمراض المنقولة بالغذاء ويعتبر إهمال غسلها جيدا قبل تحضير الطعام من أبرز الأخطاء الشائعة. ويوضح أطباء الطوارئ أن غسل اليدين بسرعة أو عدم غسلهما على الإطلاق يسمح بانتقال الجراثيم بسهولة إلى الطعام أو إلى الجسم مباشرة عند ملامسة الفم أو الأنف. ويؤكد الخبراء على ضرورة غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية مع فرك المنطقة بين الأصابع وتحت الأظافر ليس فقط قبل وبعد لمس الطعام ولكن أيضا بعد استخدام الحمام أو لمس الهاتف والأسطح المختلفة أثناء الطهي.
تظهر أعراض التسمم الغذائي عادة خلال ساعات قليلة من تناول طعام ملوث وتختلف حدتها من شخص لآخر حسب نوع الجرثومة. تشمل العلامات الشائعة اضطرابات في المعدة وغثيان وقيء وإسهال. وفي الحالات الأكثر شدة قد يعاني المريض من ارتفاع في درجة الحرارة وآلام حادة في البطن.
يعتبر الأطفال الصغار وكبار السن والنساء الحوامل والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة الفئات الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة جراء التسمم الغذائي. ولهذا السبب ينصح بضرورة طلب الرعاية الطبية الفورية عند ظهور أي من الأعراض المذكورة لدى هذه الفئات لتجنب تفاقم الحالة الصحية.