
تواجه الأمهات ضغوطا يومية هائلة تجعل من الصعب عليهن إيجاد لحظات للراحة في خضم رحلة الأمومة المليئة بالحب والعطاء والمسؤوليات التي لا تنتهي. ومع تسارع إيقاع الحياة بين إدارة شؤون المنزل ورعاية الأطفال والالتزامات المهنية أو الشخصية يصبح تخصيص وقت للعناية بالذات ضرورة ملحة لاستعادة الطاقة والتوازن النفسي.
أكدت شيرين محمود خبيرة التنمية البشرية ومدربة الحياة أن اهتمام الأم بنفسها عبر روتين مسائي بسيط ينعكس إيجابا على هدوئها وتوازنها مما يفيد الأسرة بأكملها. وأوضحت أن عشر دقائق فقط قبل النوم كافية لإحداث تغيير ملموس في الحالة المزاجية وجودة النوم والصحة النفسية مشيرة إلى أن النية الصادقة للتصالح مع الذات ومنحها بعض الدفء في نهاية اليوم هي الأهم وليس طول المدة الزمنية.
ولتفريغ الذهن من الأفكار التي تسبب الأرق وتقف عائقا أمام النوم الهادئ ينصح بتخصيص دقيقتين لكتابة كل ما يشغل البال على ورقة. هذه الطريقة تساعد العقل على التخلص من المهام المعلقة والأفكار المتشابكة بدلا من الدوران فيها طوال الليل حيث يعتبر هذا الإجراء بمثابة رسالة للعقل بأن هذه الأمور مؤجلة إلى الغد وأن الوقت الحالي مخصص للراحة فقط.
يبدأ الروتين الفعلي بدقيقة واحدة من التنفس العميق حيث تجلس الأم في مكان هادئ وتغلق عينيها وتأخذ نفسا عميقا من الأنف ثم تخرجه ببطء من الفم. تكرار هذه العملية عدة مرات يساهم في تهدئة الجهاز العصبي وتخفيف توتر العضلات وتنشيط الدورة الدموية مما يؤدي إلى شعور فوري بانخفاض الضغط النفسي المتراكم على مدار اليوم.
بعد ذلك يمكن الانتقال إلى تهدئة الجسد بالدفء عبر غسل الوجه بماء فاتر أو أخذ حمام دافئ وسريع إن سمح الوقت. للماء تأثير كبير في إزالة التوتر وتصفية الذهن وفي حال عدم توفر الوقت الكافي يمكن استخدام منشفة مبللة بالماء الدافئ ووضعها على الرقبة والكتفين لمدة دقيقة للشعور باسترخاء فوري في العضلات المجهدة.
كما أن تخصيص دقيقة واحدة للعناية بالبشرة لا يعد من الرفاهيات بل هو جزء من تقدير الذات. غسل الوجه بالغسول المناسب ووضع طبقة من كريم مرطب أو زيت طبيعي مع تدليك لطيف بحركات دائرية ينعش البشرة ويمنح شعورا بالراحة ويساعد على النوم بملامح أكثر استرخاء.
من الضروري أيضا تخصيص دقيقة لتقدير النفس وتذكر إنجاز واحد تم تحقيقه خلال اليوم مهما كان بسيطا. سواء كان تحضير وجبة صحية أو احتضان طفل حزين أو إنهاء مهمة عمل فإن شكر الذات يعيد شحن الطاقة الداخلية ويذكر الأم بقوتها وبأنها تستحق الراحة والتقدير.
في الدقائق الأخيرة من الروتين يحين وقت الاسترخاء الكامل بالجلوس على السرير في إضاءة خافتة والاستماع لموسيقى هادئة أو أصوات الطبيعة مع إبعاد الهاتف تماما. هذه الدقائق تساعد العقل على الانتقال من حالة اليقظة إلى وضع الراحة مما يضمن نوما أعمق وجودة استيقاظ أفضل في صباح اليوم التالي.
لجعل هذا الروتين عادة يومية ينصح بتثبيت موعده كل ليلة حتى يعتاد الجسم عليه تلقائيا. ومن المفيد أيضا تعزيز الإحساس بالهدوء عبر إشعال شمعة عطرية أو استخدام رذاذ من زيوت اللافندر والبابونج. والأهم هو إبعاد الهاتف المحمول لأن ضوءه الأزرق وإشعاراته يؤثران سلبا على جودة النوم ويجب استبدال التفكير في ضغوط الغد بتخيل لحظات جميلة ومريحة.