
رغم أن الحليب يعد حجر الزاوية في النظام الغذائي الصحي للكثيرين ويشتهر بدوره في تعزيز صحة العظام والجهاز الهضمي إلا أن دراسات حديثة كشفت عن جانب آخر لهذا المشروب الشعبي حيث يمكن أن يتعارض تناوله مع بعض المكملات الغذائية والأدوية ويقلل من فعاليتها بشكل كبير.
يكمن السبب الرئيسي في هذه المشكلة في التركيبة الغنية للحليب فالكالسيوم وهو المكون الأبرز يميل إلى الالتصاق بالعناصر المعدنية الأخرى الموجودة في المكملات مكونًا مركبات معقدة غير قابلة للذوبان يصعب على الجسم امتصاصها والاستفادة منها. إضافة إلى ذلك تسهم البروتينات والدهون الموجودة في الحليب في إبطاء عملية الهضم مما يعيق بدوره الامتصاص الفعال للمكونات النشطة في هذه المكملات والأدوية.
ومن أبرز المكملات التي تتأثر سلبا عند تناولها مع الحليب مكملات الحديد فالكالسيوم الموجود بوفرة في الحليب يتنافس مباشرة مع الحديد ويجعل امتصاصه في الجسم أمرا صعبا وتشير الأبحاث إلى أن هذا التفاعل قد يخفض نسبة امتصاص الحديد إلى النصف. لذلك ينصح الخبراء بتناول مكملات الحديد على معدة فارغة مع الماء أو مع عصير غني بفيتامين سي كالبرتقال لتعزيز الامتصاص.
وينطبق الأمر نفسه على مكملات الزنك حيث يدخل الكالسيوم في منافسة مباشرة معه على مسارات الامتصاص داخل الجسم ما يقلل من فاعلية الزنك الضروري لدعم المناعة وصحة البشرة. ولضمان أقصى استفادة منه يفضل تناوله مع وجبة خفيفة لا تحتوي على منتجات الألبان. كما تتأثر مكملات المغنيسيوم أيضا فعلى الرغم من أن الكالسيوم والمغنيسيوم معدنان أساسيان إلا أن تناولهما معا يحد من قدرة الجسم على امتصاص المغنيسيوم. وتوصي الدراسات بتخصيص وقت لتناول مكملات المغنيسيوم مع الماء فقط ويفضل أن يكون ذلك قبل النوم مع تجنب الحليب في هذا التوقيت.
ولا يقتصر هذا التأثير على المكملات الغذائية فقط بل يمتد ليشمل بعض الأدوية الحيوية. على سبيل المثال تناول دواء الغدة الدرقية المعروف باسم ليفوثيروكسين مع الحليب يقلل من امتصاص الدواء بشكل ملحوظ مما قد يؤثر على توازن الهرمونات في الجسم. وينصح الأطباء بضرورة تناول هذا الدواء مع الماء فقط والانتظار لمدة تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة قبل تناول أي طعام أو منتجات ألبان.
كما أن بعض المضادات الحيوية مثل التتراسيكلين والسيبروفلوكساسين تتأثر بشدة بالكالسيوم الموجود في الحليب حيث يرتبط الكالسيوم بمركباتها ويمنع امتصاصها في الأمعاء ما يجعلها غير فعالة. ولتجنب هذا التفاعل السلبي يجب ترك فاصل زمني لا يقل عن ساعة واحدة بين تناول هذه المضادات الحيوية واستهلاك الحليب أو أي من منتجاته.
لضمان تحقيق الفائدة القصوى من المكملات الغذائية والأدوية ينصح باتباع بعض الإرشادات العملية. يجب الحرص على ترك فاصل زمني لمدة ساعتين على الأقل قبل وبعد تناول المكملات الحساسة ومنتجات الألبان. ويفضل استبدال الحليب بالماء أو العصائر الطبيعية خاصة تلك الغنية بفيتامين سي لتعزيز الامتصاص. ومن الضروري قراءة التعليمات المرفقة مع كل مكمل غذائي بعناية وفي حالة تناول أنواع متعددة من المكملات يجب استشارة الطبيب لتحديد التوقيت الأمثل لكل منها.