
يمثل انقطاع الطمث تحولاً بيولوجياً طبيعياً في مسيرة حياة كل امرأة وهو لا يعد مرضاً بل مرحلة جديدة تنتهي معها القدرة الإنجابية ويتوقف نزول الدورة الشهرية نهائياً. تحدث هذه الظاهرة عادة بين منتصف الأربعينيات ومنتصف الخمسينيات من العمر نتيجة للتراجع التدريجي في وظيفة المبيضين وتوقفهما عن إنتاج هرموني الإستروجين والبروجستيرون.
وللتأقلم مع هذه المرحلة الحيوية يُنصح بشدة بالمتابعة الطبية المنتظمة مع الأطباء المختصين في أمراض النساء والغدد الصماء. تشمل هذه المتابعة إجراء فحوصات دورية لمراقبة مستويات الهرمونات مثل FSH وLH والإستروجين بالإضافة إلى إجراء مسح كثافة العظام المعروف باسم DXA scan مرة كل عامين تقريباً لتقييم خطر الإصابة بهشاشة العظام والكشف المبكر عنها.
يعتبر تبني نمط حياة صحي أمراً محورياً لإدارة التغيرات المصاحبة لهذه الفترة. ويتطلب ذلك نظاماً غذائياً متوازناً يركز على الأطعمة الغنية بالكالسيوم لدعم صحة العظام مثل منتجات الألبان كاللبن والزبادي والجبن والأسماك كالسردين. كما تبرز أهمية فيتامين D الذي يمكن الحصول عليه عبر التعرض المعتدل لأشعة الشمس أو من خلال المكملات الغذائية بعد استشارة الطبيب إلى جانب الإكثار من تناول الفواكه والخضروات الغنية بمضادات الأكسدة.
وفي المقابل يفضل الحد من استهلاك بعض المواد التي قد تزيد من حدة الأعراض مثل الكافيين والسكريات والأطعمة المشبعة بالدهون والتوابل الحارة لأنها قد تحفز حدوث الهبات الساخنة. وتكمل ممارسة الرياضة بانتظام هذا النظام الصحي حيث تساعد تمارين المشي واليوغا ورفع الأوزان الخفيفة في الحفاظ على الكتلة العضلية وكثافة العظام وتحسين الحالة المزاجية بشكل ملحوظ.
تتنوع الأعراض التي قد تواجهها المرأة تدريجياً خلال الفترة التي تسبق الانقطاع الكامل للطمث. من أبرز هذه العلامات عدم انتظام الدورة الشهرية حيث قد تصبح أقصر أو أطول من المعتاد أو قد تختفي لعدة أشهر ثم تعود بشكل مفاجئ.
تعد الهبات الساخنة والتعرق الليلي من أكثر الأعراض شيوعاً وإزعاجاً وهي عبارة عن شعور مفاجئ بالحرارة الشديدة يغمر الوجه والجزء العلوي من الجسم وقد يرافقه تعرق غزير خاصة أثناء ساعات النوم مما يؤثر على جودته. كما أن التقلبات المزاجية تعد جزءاً من التجربة حيث قد تشعر المرأة بالتوتر والقلق أو الاكتئاب الخفيف وتواجه صعوبة في النوم.
على الصعيد الجسدي يؤدي انخفاض هرمون الإستروجين إلى حدوث جفاف في المهبل مما قد يسبب انخفاضاً في الرغبة الجنسية. وقد تلاحظ المرأة أيضاً تغيرات في مظهر الجلد والشعر كفقدان النضارة وزيادة الجفاف وتساقط الشعر في بعض الأحيان. يضاف إلى ذلك ميل الجسم لزيادة الوزن وتغير توزيع الدهون لتتركز غالباً في منطقة البطن.
قد تمتد التأثيرات لتشمل القدرات الذهنية حيث تشتكي بعض النساء من ضعف مؤقت في التركيز والذاكرة. ولأن الدعم النفسي والاجتماعي لا يقل أهمية عن الجانب الجسدي فإن التحدث مع الأصدقاء المقربين أو اللجوء إلى استشاري نفسي يمكن أن يساعد بشكل كبير في تخفيف التوتر والقلق المصاحب لهذه التغيرات.
في بعض الحالات التي تكون فيها الأعراض شديدة قد يقترح الطبيب اللجوء إلى العلاج الهرموني التعويضي الذي يعتمد على تزويد الجسم بهرمون الإستروجين لتقليل الهبات الساخنة وجفاف المهبل ولكن هذا القرار يتطلب تقييماً دقيقاً للفوائد والمخاطر المحتملة لكل حالة على حدة. وبجانب ذلك فإن الاهتمام بالعناية بالبشرة والشعر باستخدام المرطبات المناسبة والحفاظ على ترطيب الجسم بشرب كميات كافية من الماء يساهم في التخفيف من آثار هذه المرحلة.