
شهدت أسواق المعادن الثمينة تطورات لافتة الأسبوع الماضي حيث ساهمت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن العلاقات التجارية مع الصين في إحداث هزة عنيفة بأسواق الأسهم العالمية ودفع المستثمرين بقوة نحو الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب الذي استفاد من حالة عدم اليقين ليسجل قفزة تاريخية غير مسبوقة.
تسبب إعلان الرئيس الأمريكي عن عدم وجود مبرر للقاء نظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية كما كان مقررا بالإضافة إلى تلويحه بزيادة ضخمة في الرسوم الجمركية على الواردات الصينية في انهيار مؤشرات الأسهم الأمريكية قبيل إغلاق جلسات التداول الأسبوعية حيث هوى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.7% كما انخفض مؤشر ناسداك التكنولوجي بنسبة 3.6%.
في خضم هذه الأجواء المتوترة نجحت أونصة الذهب العالمية في تحقيق إنجاز تاريخي باختراقها للمستوى النفسي الهام عند 4000 دولار للمرة الأولى على الإطلاق وتمكنت من الإغلاق الأسبوعي فوق هذا الحاجز مما يعزز من فرص مواصلة مسيرتها الصاعدة خلال الفترة المقبلة خصوصا وأن المعدن الأصفر سجل مكاسب قوية بلغت نسبتها 53% منذ بداية العام.
ولا تقتصر العوامل الداعمة لصعود الذهب على الحرب التجارية الأمريكية الصينية فحسب بل تراقب الأسواق عن كثب مجموعة من المخاطر الأخرى التي تزيد من جاذبيته كمخزن للقيمة وتشمل هذه المخاطر احتمالية انهيار الحكومة الفرنسية والتوترات الجيوسياسية في اليابان فضلا عن استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وكلها أحداث تمنح المعدن النفيس زخما إضافيا للصعود.
على صعيد السياسة النقدية يراهن المستثمرون على قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام بواقع 25 نقطة أساس في كل من اجتماعي أكتوبر وديسمبر وذلك بعد أن اتخذ أول قرار لخفض الفائدة في شهر ديسمبر الماضي وهو ما يضعف الدولار الأمريكي الذي تراجع بالفعل بنسبة 0.6% ويعزز من قيمة الذهب المقوم به.
وانعكست هذه الارتفاعات العالمية بشكل مباشر على السوق المحلية حيث وصلت أسعار الذهب إلى مستويات جديدة فسجل سعر الذهب عيار 24 قيمة 6166 جنيها وبلغ سعر الذهب عيار 21 الأكثر انتشارا 5395 جنيها بينما وصل سعر الذهب عيار 18 إلى 4624 جنيها وسجل سعر الجنيه الذهب 43160 جنيها.
ورغم أن وتيرة الصعود السريعة التي شهدتها أسعار الذهب في الأسابيع الأخيرة قد تفتح الباب أمام عمليات تصحيح وجني أرباح على المدى القصير إلا أن النظرة المستقبلية على مدار العامين القادمين تشير إلى احتمالية قوية بأن أسعار المعدن الأصفر سترتفع بشكل حاد مدفوعة بالتوترات التجارية والسياسية وتوجهات السياسة النقدية التيسيرية.