تؤدي العديد من العوامل الصحية والغذائية إلى شعور النساء بالإرهاق المستمر ومواجهة مشكلة تساقط الشعر بشكل ملحوظ مما يؤثر على مظهرهن وثقتهن بأنفسهن وفي هذا السياق يبرز دور عنصرين غذائيين أساسيين هما الزنك والحديد اللذان يعتبران حجر الزاوية في الحفاظ على حيوية الجسم وتعزيز قوته ومناعته.
يعتبر الحديد الوقود الأساسي لخلايا الجسم فهو العنصر المسؤول عن نقل الأكسجين عبر الدم بواسطة الهيموجلوبين وعند انخفاض مستوياته تعجز الخلايا عن إنتاج الطاقة بكفاءة مما يؤدي إلى الشعور بالتعب والدوخة وظهور شحوب على الوجه والبشرة كما يتأثر الشعر بشكل مباشر حيث تحتاج بصيلاته إلى تدفق دم غني بالأكسجين لتبقى قوية وتستمر في النمو وبدون هذا الدعم الحيوي تدخل البصيلات مرحلة الراحة ثم تتساقط مبكرًا وتعد النساء أكثر عرضة لنقص الحديد بسبب فترات الحمل والرضاعة أو اتباع حميات غذائية قاسية.
أما الزنك فيوصف بأنه معدن الحياة وتجديد الخلايا حيث يشارك في عمل أكثر من 300 إنزيم حيوي في الجسم مسؤول عن عمليات دقيقة مثل بناء الخلايا وإصلاح الأنسجة المتضررة وتنظيم الهرمونات ودعم الجهاز المناعي بقوة وعلى الصعيد المناعي ينشط الزنك خلايا الدم البيضاء التي تشكل خط الدفاع الأول ضد الفيروسات والبكتيريا ونقصه يجعل الجسم أكثر قابلية للإصابة بنزلات البرد والعدوى المتكررة كما يبطئ من عملية التئام الجروح ويسبب شعورا بالخمول.
يظهر نقص هذين المعدنين عبر مجموعة من العلامات التي تتطور تدريجياً وقد يتم تجاهلها لفترة طويلة فمن أعراض نقص الحديد الإرهاق الدائم والدوخة وبرودة الأطراف مثل اليدين والقدمين وتساقط الشعر بصورة ملحوظة بالإضافة إلى تكسر الأظافر وهشاشتها أما أعراض نقص الزنك فتشمل ضعف المناعة والتقاط العدوى باستمرار وتقصف الأظافر وفقدان الشهية وضعف حاستي التذوق والشم وظهور مشاكل جلدية مثل حب الشباب أو الجفاف.
على مستوى الشعر والبشرة يلعب الزنك دورا جوهريا في دورة نمو الشعر الطبيعية فهو ينظم إفراز الزيوت في فروة الرأس ويمنع انسداد البصيلات ويساهم في تقوية جذور الشعر ومنع تساقطه كما أن خصائصه المضادة للأكسدة تحمي الخلايا من التلف الذي تسببه الجذور الحرة والذي يعد أحد مسببات تقصف الشعر وضعفه.
يعمل الزنك والحديد بتناغم متكامل داخل الجسم فوجودهما بمستويات متوازنة يضمن سلامة جهاز المناعة وقوة الشعر ونضارة البشرة فالزنك يعزز قدرة الجسم على امتصاص الحديد ويقلل من الإجهاد التأكسدي الذي يلحق الضرر بالخلايا وفي المقابل يزود الحديد الخلايا بالطاقة اللازمة لتجديد أنسجتها ودعم نمو الشعر الصحي ولكن يجب الحذر عند تناول المكملات الغذائية فتناول الزنك والحديد معا في نفس الوقت قد يؤدي إلى تداخل في الامتصاص لذلك يفضل تناولهما في أوقات مختلفة من اليوم بعد استشارة طبية.
لضمان الحصول على كميات كافية من هذين العنصرين يجب التركيز على نظام غذائي متنوع وأهم مصادر الحديد تشمل الكبد واللحوم الحمراء والخضروات الورقية مثل السبانخ والبقدونس والبقوليات كالعدس والفول وصفار البيض والفواكه المجففة كالزبيب والتمر وينصح بتناول أطعمة غنية بفيتامين سي مثل البرتقال والفلفل مع وجبات الحديد لتعزيز امتصاصه.
أما المصادر الغذائية الغنية بالزنك فتتضمن المأكولات البحرية وفي مقدمتها المحار والسردين والتونة واللحوم الحمراء والدجاج والمكسرات مثل الكاجو واللوز والبقوليات كالحمص وبذور القرع واليقطين.
في الحالات التي لا يكفي فيها النظام الغذائي لتعويض النقص خاصة لدى النساء اللاتي يعانين من فقر الدم أو ضعف الامتصاص تبرز أهمية المكملات الغذائية ولكن يجب تجنب تناولها بشكل عشوائي لأن زيادة مستويات الزنك أو الحديد عن الحد الطبيعي قد تسبب أضرارا صحية تشمل الغثيان ومشاكل في الكبد أو اضطرابات في امتصاص معادن أخرى ولذلك يجب أن يتم تناولها بناء على تحاليل الدم وتوصية من الطبيب.
للحفاظ على المناعة والشعر ينصح بتبني نمط حياة صحي يشمل تناول وجبات متوازنة غنية بالبروتين والخضروات والحبوب الكاملة وشرب كميات كافية من الماء لدعم الدورة الدموية وصحة فروة الرأس وتجنب الإفراط في استهلاك الكافيين الذي يقلل من امتصاص الحديد بالإضافة إلى ممارسة نشاط بدني منتظم لتحفيز تدفق الدم والمواظبة على الفحوصات الدورية.
