
حظي الصيام المتقطع بشعبية واسعة في السنوات الأخيرة كأحد أبرز الأنظمة الغذائية المتبعة عالميًا خصوصًا بين النساء الساعيات إلى تحقيق أهداف صحية متعددة أبرزها فقدان الوزن وتحسين الصحة العامة بطريقة لا تعتمد على الحرمان الشديد من أصناف معينة من الطعام.
أكدت الدكتورة مها سيد وهي اخصائية في التغذية العلاجية أن هذا النظام الغذائي يعتبر أداة قوية لتحسين صحة الجسم بشكل عام ويساعد في تنظيم الوزن ويعزز من مستويات الطاقة الجسدية والذهنية لكن نجاحه يعتمد على تطبيقه بوعي وتوازن. وأضافت أن الصيام المتقطع قد يكون له تأثير مزدوج على النساء فهو قادر على تحقيق نتائج استثنائية إذا تم اتباعه بمرونة مع الاستماع لإشارات الجسم واحتياجاته لكنه قد يتحول إلى مصدر خطر إذا ما تحول إلى حرمان قاس أو سبب ضغطًا نفسيًا وجسديًا. القاعدة الأساسية هنا أن الصيام المتقطع ليس منافسة بل هو نهج حياة متكامل والمرأة التي تتفهم جسدها هي التي تجني ثماره دون الإضرار بتوازنها الهرموني أو صحتها.
يقدم الصيام المتقطع مجموعة من الفوائد الصحية للنساء تبدأ من تنظيم الوزن وتحسين معدلات الأيض حيث يدفع الجسم لاستخدام الدهون المتراكمة كمصدر للطاقة بعد استنفاد مخزون الجلوكوز وهو ما يؤدي لحرق الدهون بفاعلية. كما يساهم في تقليل الشهية عبر تنظيم هرمون الجوع المعروف باسم غريلين مما يحد من الرغبة في تناول الطعام بين الوجبات. وقد أظهرت دراسات أن النساء اللاتي اتبعن هذا النظام فقدن ما بين ثلاثة إلى ثمانية بالمئة من أوزانهن في غضون شهرين مع ملاحظة تحسن ملحوظ في شكل الجسم ومستويات الطاقة.
من أبرز إيجابياته أيضًا تحسين حساسية الجسم للأنسولين مما يساهم في خفض مستويات السكر بالدم وهذا الأمر يكتسب أهمية خاصة للنساء اللاتي يعانين من مقاومة الأنسولين أو متلازمة تكيس المبايض حيث يساعد النظام في تخفيف الأعراض المصاحبة لهذه الحالات وتنظيم الدورة الشهرية. وعلى صعيد صحة القلب تشير الأبحاث إلى قدرة الصيام المتقطع على خفض مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية ورفع نسبة الكوليسترول الجيد الأمر الذي يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين كما يساعد في خفض ضغط الدم تدريجيًا.
يمتد تأثيره الإيجابي ليشمل وظائف الدماغ والمزاج فخلال فترات الامتناع عن الطعام يزداد إنتاج بروتين BDNF الذي يرتبط بتحفيز نمو الخلايا العصبية وتقوية الذاكرة والتركيز. كما أن استقرار مستويات السكر يساهم في تحسين الحالة المزاجية وتقليل نوبات القلق. وبالإضافة إلى ذلك يمنح الصيام المتقطع الجهاز الهضمي فترة راحة ضرورية مما يعزز إصلاح خلايا الأمعاء ويقلل من الانتفاخات كما أنه ينشط عملية الالتهام الذاتي التي يتخلص الجسم من خلالها من الخلايا التالفة ليعزز بذلك المناعة ويحسن نضارة البشرة.
يعتمد نظام الصيام المتقطع على تحديد توقيت تناول الطعام وليس على نوعه فهو يقوم على التناوب بين فترات مخصصة للأكل وأخرى للامتناع عنه. ومن أشهر أنواعه نظام 16/8 الذي يتضمن الصيام لمدة ست عشرة ساعة وتناول الطعام خلال نافذة زمنية مدتها ثماني ساعات. وهناك نظام 5:2 الذي يسمح بتناول الطعام بشكل طبيعي لمدة خمسة أيام في الأسبوع مع خفض السعرات الحرارية بشكل كبير في يومين غير متتاليين. كما يوجد نظام الصيام لمدة 24 ساعة كاملة مرة أو مرتين أسبوعيًا.
رغم الفوائد العديدة قد يصبح الصيام المتقطع خطيرًا على النساء في حالات معينة ويجب التعامل معه بحذر. فالحرمان من الطعام لفترات طويلة قد يؤثر سلبًا على الهرمونات المسؤولة عن التبويض والدورة الشهرية مما قد يسبب عدم انتظامها أو انقطاعها المؤقت. كما أنه قد يؤدي إلى تباطؤ في عمل الغدة الدرقية خاصة لدى النساء اللاتي يعانين أصلًا من قصور في وظائفها لأن الجسم قد يفسر الصيام الطويل على أنه حالة مجاعة فيقوم بإبطاء عمليات الأيض للحفاظ على الطاقة.
على الصعيد النفسي قد يؤدي انخفاض سكر الدم لدى بعض النساء إلى تقلبات مزاجية حادة وشعور بالعصبية وقد يزيد من حدة القلق أو الاكتئاب. ويُمنع تطبيق هذا النظام تمامًا خلال فترات الحمل والرضاعة الطبيعية لأن الجنين والرضيع بحاجة إلى إمداد مستمر بالعناصر الغذائية. وأخيرًا لا ينصح به للنساء اللاتي يعانين من نقص الوزن أو فقر الدم أو اضطرابات الأكل لأنه قد يفاقم من ضعف الجسم.
لتطبيق الصيام المتقطع بأمان يُنصح بالبدء تدريجيًا بصيام لمدة 12 ساعة ثم زيادة المدة ببطء واختيار النظام الذي يتناسب مع نمط الحياة اليومي. من الضروري التركيز على جودة الطعام في وجبات الإفطار بحيث تكون غنية بالبروتين والدهون الصحية والخضروات للحفاظ على مستويات الطاقة. كما يجب شرب كميات وافرة من الماء لتجنب الجفاف والاستماع دائمًا لإشارات الجسم والتوقف فورًا عند الشعور بالتعب الشديد أو الغثيان أو اضطراب النوم.