
شهدت أسعار الذهب في مصر قفزة تاريخية حيث تخطى سعر الجنيه الذهب حاجز 44 ألف جنيه للمرة الأولى بدون احتساب قيمة المصنعية متأثرا بالصعود الكبير في الأسواق العالمية التي دفعت المعدن الأصفر إلى مستويات قياسية. ويأتي هذا الارتفاع الملحوظ في ظل تزايد الإقبال على عيار 21 الذي يعد الأكثر انتشارا ومبيعا في السوق المصري والذي سجل بدوره أرقاما غير مسبوقة.
تأتي هذه الموجة من الارتفاعات مدفوعة بشكل أساسي بتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فقد أدت التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة بخصوص فرض رسوم جمركية قد تصل إلى 100% على البضائع الصينية إلى حالة من القلق في الأسواق العالمية. كما أعلن ترامب عن ضوابط جديدة على صادرات برامج الكمبيوتر الحيوية من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بحلول الأول من نوفمبر وذلك ردا على القيود التي فرضتها الصين على صادراتها من العناصر الأرضية النادرة والمعدات.
من جانبها ردت بكين بحزم على التصريحات الأمريكية مؤكدة أنها لا تخشى الدخول في حرب تجارية وأنها ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها الاقتصادية. هذا الموقف الصيني المتشدد زاد من مخاوف المستثمرين حول العالم من تجدد النزاع الاقتصادي بين أكبر اقتصادين في العالم مما دفعهم بقوة نحو الأصول التي تعد ملاذا آمنا وفي مقدمتها الذهب.
ورغم أن ترامب حاول تخفيف حدة لهجته خلال عطلة نهاية الأسبوع داعيا الأسواق إلى عدم القلق ومشيرا إلى أن واشنطن لا تنوي التصعيد الفوري فإن هذا التحول لم ينجح في تبديد جميع المخاوف. فقد ساهمت تصريحاته في تهدئة التوترات بشكل طفيف لكن المتعاملين في الأسواق ظلوا في حالة من الحذر الشديد ترقبا لأي تحولات سياسية غير متوقعة قد تصدر عن البيت الأبيض.
يجدر بالذكر أن صعود الذهب منذ بداية العام لم يكن وليد اللحظة بل جاء نتيجة تراكم عدة عوامل رئيسية دعمت أسعاره. فإلى جانب المخاطر الجيوسياسية المتعددة لعبت عمليات الشراء القوية للمعدن الأصفر من قبل البنوك المركزية حول العالم دورا مهما بالإضافة إلى زيادة التدفقات المالية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بالذهب. كما ساهمت حالة عدم اليقين الاقتصادي الناتجة عن الحروب التجارية وتوقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تعزيز مكانة الذهب كأداة استثمارية آمنة.
وتعكس أسعار الذهب في السوق المحلي هذه التطورات العالمية بوضوح حيث وصل سعر جرام الذهب من عيار 24 إلى 6297 جنيها بينما سجل عيار 21 سعر 5510 جنيهات للجرام. أما عيار 18 فقد بلغ سعره 4722 جنيها فيما استقر سعر الجنيه الذهب عند 44080 جنيها.
وفي هذا السياق تترقب الأسواق العالمية احتمالية شبه مؤكدة بأن يقوم البنك الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر المقبل مع توقعات بخفض آخر مماثل في ديسمبر. ومن المنتظر أن يلقي رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول كلمة هامة يوم الثلاثاء خلال الاجتماع السنوي للجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال وهي الكلمة التي قد تحمل مؤشرات جديدة حول توجهات السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة القادمة.