
دفعت التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين والمشهد الاقتصادي والسياسي العالمي المضطرب أسعار الذهب لتحقيق قفزات تاريخية جديدة حيث واصل المعدن الأصفر رحلة صعوده للأسبوع التاسع على التوالي مسجلاً مستويات سعرية لم يسبق لها مثيل في الأسواق العالمية والمحلية على حد سواء وسط إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة.
بلغت أسعار الذهب في التعاملات العالمية مستوى قياسيا جديدا عند 4085 دولارا للأوقية محققة مكاسب كبيرة مدعومة بموجة من الطلب على الأصول الآمنة خصوصا بعد إعلان واشنطن عزمها فرض رسوم جمركية ضخمة على كافة الواردات الصينية اعتبارا من نوفمبر المقبل وهو ما ردت عليه بكين بفرض قيود على صادراتها من العناصر الأرضية النادرة. وقد شهدت الأوقية ارتفاعا بنحو 68 دولارا في تعاملات يوم الإثنين وحده فيما كانت قد حققت مكاسب أسبوعية في الأسبوع الماضي بقيمة 131 دولارا بعد أن بدأت تعاملاتها عند 3886 دولارا ولامست مستوى 4060 دولارا قبل أن تغلق عند 4017 دولارا.
وعلى الصعيد المحلي شهدت أسواق الذهب في مصر ارتفاعات كبيرة خلال تعاملات اليوم إذ قفز سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعا بنحو 80 جنيها مقارنة بأسعار إغلاق يوم السبت الماضي ليصل إلى مستوى 5480 جنيها. وتبعاً لذلك سجل جرام الذهب من عيار 24 سعرا بلغ 6263 جنيها بينما وصل سعر جرام عيار 18 إلى 4697 جنيها كما بلغ سعر عيار 14 حوالي 3654 جنيها واستقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 43840 جنيها.
وتأتي هذه القفزات بعد أسبوع حافل بالمكاسب حيث ارتفعت أسعار الذهب محليا بنحو 180 جنيها إذ افتتح جرام عيار 21 تعاملات الأسبوع المنصرم عند 5220 جنيها ووصل إلى أعلى مستوى في تاريخه عند 5450 جنيها قبل أن ينهي الأسبوع عند مستوى 5400 جنيه.
وتتفاقم حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية بسبب استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة للأسبوع الثالث على التوالي الأمر الذي تسبب في تعطيل صدور تقارير اقتصادية هامة مثل مؤشر أسعار المستهلكين وأدى إلى حالة من الارتباك بشأن السياسة النقدية المستقبلية. وتترقب الأوساط الاقتصادية خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول غدا للحصول على مؤشرات حول اتجاه أسعار الفائدة وسط توقعات متزايدة بخفضها مرتين إضافيتين هذا العام.
وتشير بيانات الهيئات المتخصصة في شؤون الذهب إلى أن هذا الصعود القوي يعكس موجة كبيرة من الطلب الاستثماري حيث تجاوزت التدفقات النقدية إلى صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب 67 مليار دولار منذ بداية العام. وارتفعت حيازات هذه الصناديق عالميا لتصل إلى 3857 طنا من المعدن النفيس وهو مستوى يقل بنسبة 2% فقط عن الذروة التاريخية التي سجلتها في نوفمبر 2020.
ويرجح محللون أن موجة الصعود الحالية لم تصل إلى نهايتها بعد مدعومة بعوامل أساسية مثل ضعف الدولار الأمريكي وتراجع العوائد الحقيقية للسندات وزيادة التقلبات في أسواق الأسهم فضلا عن استمرار البنوك المركزية حول العالم في زيادة احتياطاتها من الذهب. ويعتبر الخبراء ما يشهده السوق حاليا ليس مجرد ذروة سعرية مؤقتة بل هو فصل جديد من إعادة تسعير الذهب في ضوء التحولات العميقة التي يمر بها الاقتصاد العالمي وتراجع الثقة في العملات التقليدية مما يعزز دور المعدن الأصفر التاريخي كأصل آمن ومستقر في أوقات الأزمات.