محمد بن سلمان يرسم ملامح شرق أوسط جديد في زمن التحولات الكبرى

محمد بن سلمان يرسم ملامح شرق أوسط جديد في زمن التحولات الكبرى
محمد بن سلمان يرسم ملامح شرق أوسط جديد في زمن التحولات الكبرى

أصبحت الرياض محورا جديدا لصناعة القرار في الشرق الأوسط ويأتي هذا التحول في ظل بروز دبلوماسية سعودية حديثة تعيد رسم ملامح التأثير والنفوذ في المنطقة والعالم وقد تجلى هذا الدور القيادي بوضوح في قمة شرم الشيخ للسلام التي شهدت اعترافا دوليا بمكانة المملكة كقوة فاعلة وقادرة على إدارة التوازنات المعقدة.

يرتكز النهج السعودي الجديد على فلسفة سياسية تقوم على هندسة القوة بدلا من ممارسة القوة التقليدية حيث يتم توظيف التأثير الاقتصادي والتكنولوجي والدبلوماسي لخلق بيئة إقليمية مستقرة على المدى الطويل وهذا الأسلوب الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعتمد على بناء الثقة الدولية وتقديم حلول استباقية للأزمات بدلا من انتظارها وتحويل التنمية الداخلية إلى أداة مشروعة للنفوذ السياسي.

لقد غيرت هذه الاستراتيجية طبيعة العلاقات بين المملكة والعواصم الكبرى من واشنطن وباريس وصولا إلى القاهرة والدوحة حيث أصبحت السعودية ركيزة أساسية لا يمكن تجاوزها في أي معادلة تتعلق بأمن المنطقة واستقرارها ولم يعد ينظر إليها كطرف في الأزمات بل كصانع للحلول وهو ما يعكس تحولا عميقا في بنية القرار الإقليمي.

إن القيادة في القرن الحادي والعشرين كما تقدمها الرؤية السعودية لا تسعى إلى الهيمنة بل إلى تصميم نظام متوازن وقادر على استيعاب المصالح المتباينة دون أن يخسر أي طرف وهذه الفلسفة التي تعرف بالتوازن المنتج تمثل مدرسة جديدة في الحكم والسياسة وتسمح للدولة بالموازنة بين متطلبات التنمية الداخلية والردع الخارجي واستخدام سياساتها الداخلية لضبط إيقاع المشهد الدولي.

وفي قمة شرم الشيخ برزت هذه القيادة الهادئة عندما أدارت المملكة واحدة من أعقد الأزمات في التاريخ الحديث ونجحت في إنتاج اتفاق سلام أنهى الحرب في غزة وفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية أكثر استدامة وقد جاءت شهادة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب لتعبر عن هذا الواقع عندما وصف ولي العهد بأنه قائد ملهم وصديق خاص قام بعمل رائع لبلاده وهو تصريح لم يكن مجرد ثناء بل إعلان عن انتقال مركز التأثير في المنطقة.

ومع تحول النظام العالمي نحو التعددية القطبية تترجم رؤية الأمير محمد بن سلمان مكانة المملكة كقوة مركزية تقدم نموذجا فريدا في السياسة يعتمد على عقل يوازن بين التنمية والأمن ومن خلال قمة شرم الشيخ بدأ العالم يتعامل مع الرياض باعتبارها عاصمة القرار ومع ولي العهد بوصفه العقل الذي يدير التوازنات ويعيد كتابة منطق القيادة في قرن جديد.