
تمثل الجلطات الدموية والأزمات القلبية تهديدا صامتا يتربص بحياة الملايين سنويا على مستوى العالم حيث تتسبب في حالات وفاة مفاجئة. وتكشف التقارير الطبية أن العديد من المسببات تكمن في عادات يومية ومؤشرات صحية يتجاهلها الكثيرون دون إدراك لخطورتها الحقيقية إلا بعد وقوع المشكلة.
يأتي التدخين في مقدمة العوامل الخطرة حيث لا يقتصر تأثيره على الجهاز التنفسي فقط بل يمتد ليشمل الأوعية الدموية. المواد السامة الموجودة في السجائر تسبب التهابات مزمنة وتزيد من كثافة الدم مما يرفع بشكل كبير من احتمالية تشكل التجلطات الدموية.
تعتبر السمنة وزيادة الوزن محفزا قويا لمجموعة من الاضطرابات الصحية التي تمهد الطريق للأزمات القلبية. فالوزن الزائد يرتبط مباشرة بارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول كما أنه يزيد من مقاومة الجسم للأنسولين وهي عوامل مجتمعة تضاعف خطر الإصابة.
يؤدي نمط الحياة الخامل الذي يفتقر إلى النشاط البدني إلى إضعاف الدورة الدموية وتسهيل تراكم الدهون الضارة في الجسم. وعلى النقيض تساهم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في تقليل فرص الإصابة بنسبة قد تصل إلى ثلاثين بالمئة عبر تحسين صحة القلب والأوعية.
يصف الخبراء ارتفاع ضغط الدم بالقاتل الصامت لأنه أحد الأسباب الرئيسية للأزمات القلبية والسكتات الدماغية. فالضغط المرتفع باستمرار يلحق ضررا تدريجيا بجدران الشرايين ويجعلها أكثر صلابة وأقل مرونة الأمر الذي قد ينتهي بانسدادها أو تمزقها فجأة.
كذلك يلعب ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم دورا محوريا في هذه المشكلة. تتراكم هذه المواد الدهنية على الجدران الداخلية للشرايين مكونة ما يعرف باللويحات التي تسبب تصلب الشرايين وهو حالة مرضية تضيق مجرى الدم وتعيق وصوله إلى القلب والمخ.
يضاف إلى القائمة مرض السكري الذي يتسبب في تلف بطانة الشرايين عند ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة. هذا التلف يجعل الأوعية الدموية أكثر عرضة لتكون الجلطات والانسدادات خاصة لدى المرضى غير الملتزمين بالخطة العلاجية والمتابعة الطبية.
لا يمكن إغفال دور العوامل الوراثية والتاريخ الصحي للعائلة. فوجود إصابات بأمراض القلب بين الأقارب من الدرجة الأولى يزيد من احتمالية تعرض الفرد لنفس المشكلات الصحية خاصة إذا اجتمعت الجينات مع عادات حياتية غير سليمة.
أظهرت أبحاث حديثة أن المخاطر لا تقتصر على العوامل الداخلية فقط بل تشمل البيئة المحيطة. فالتعرض المستمر لتلوث الهواء واستنشاق الجسيمات الدقيقة وكذلك التدخين السلبي يرفعان من خطر الإصابة بالجلطات حتى بين الأشخاص غير المدخنين.
هناك أيضا حالات طبية محددة تزيد من الخطر مثل اضطراب نظم القلب المعروف بالرجفان الأذيني والذي قد يؤدي إلى تكون خثرات دموية في القلب تنتقل لاحقا إلى الدماغ. كما يوجد سبب آخر أقل شيوعا يعرف بتمزق الشرايين التاجية التلقائي ويصيب غالبا النساء في سن الشباب دون وجود عوامل الخطر التقليدية.
ولتجنب هذه المخاطر يشدد المختصون على ضرورة اتباع نهج وقائي متكامل يبدأ بمراقبة ضغط الدم والحفاظ عليه ضمن المعدلات الطبيعية. كما تشمل الإرشادات الالتزام بنظام غذائي متوازن غني بالخضروات والفواكه والألياف مع ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم والتوقف الفوري عن التدخين. وتظل المتابعة الطبية الدورية أمرا ضروريا خاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب.