
يحذر خبراء الصحة من العادة المنتشرة بين كثير من الأمهات والمتمثلة في إعطاء أطفالهن الأدوية عند ظهور أعراض نزلات البرد أو الأمراض المعدية دون الرجوع إلى طبيب متخصص. وتنشأ هذه الممارسة من اعتقاد خاطئ بأن تكرار الأعراض يعني صلاحية العلاج السابق وأن هذه الأدوية آمنة تماما مما يعرض صحة الطفل ومناعته لمخاطر جسيمة.
يعد الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية أحد أكثر الأخطاء شيوعا وخطورة إذ يتم إعطاؤها للطفل مع كل ارتفاع في درجة الحرارة أو إصابة بنزلة برد رغم أن معظم هذه الحالات تكون عدوى فيروسية لا تتأثر بالمضادات الحيوية. هذا السلوك لا يساهم في العلاج بل يؤدي إلى إضعاف مناعة الطفل على المدى الطويل ويشجع على ظهور سلالات بكتيرية مقاومة للعلاجات كما أنه يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإسهال والقيء نتيجة قضائه على البكتيريا النافعة في الأمعاء.
تكمن إحدى أبرز المخاطر أيضا في تحديد الجرعات الدوائية فالأجسام الصغيرة للأطفال لا يمكنها التعامل مع الأدوية بنفس طريقة البالغين وأي زيادة طفيفة في الجرعة قد تؤدي إلى تسمم دوائي أو تلحق ضررا بأعضاء حيوية مثل الكبد والكلى. على سبيل المثال تختلف جرعة دواء شائع مثل الباراسيتامول بشكل كبير بين طفل يزن عشرة كيلوجرامات وآخر يزن عشرين وأي خطأ في الحساب قد تكون عواقبه وخيمة.
قد لا يدرك الأهل أن الجمع بين نوعين من الأدوية التي تبدو آمنة مثل أدوية السعال أو خافضات الحرارة قد يسبب تفاعلات دوائية خطيرة. ففي بعض الأحيان تحتوي أدوية بأسماء تجارية مختلفة على نفس المادة الفعالة وإعطاؤها للطفل معا يعني مضاعفة الجرعة دون قصد وهو ما يشكل تهديدا مباشرا على سلامته.
من جهة أخرى قد يؤدي إعطاء الأدوية دون استشارة طبية إلى إخفاء الأعراض الحقيقية للمرض الأساسي. فعندما يتم إعطاء الطفل خافض حرارة بشكل مستمر قد تختفي علامات مهمة تدل على وجود التهاب بكتيري خطير يتطلب علاجا محددا أو فحوصات دقيقة وهذا الأمر يصعب على الطبيب مهمة التشخيص الصحيح للحالة فيما بعد.
هناك أيضا خطر الحساسية تجاه بعض مكونات الأدوية فقد يكون لدى الطفل حساسية لمادة معينة لا يعلم بها الأهل ولا تظهر إلا بعد تناول الدواء على شكل أعراض حادة مثل صعوبة التنفس أو تورم الوجه أو طفح جلدي واسع الانتشار. هذه الحالات الطارئة قد تهدد حياة الطفل إذا لم يتم التعامل معها بشكل فوري وسليم.
يجب الانتباه كذلك إلى أن العديد من الأدوية غير مناسبة لبعض الفئات العمرية فبعض علاجات السعال أو مضادات الاحتقان يمنع استخدامها للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين لأنها قد تسبب لهم اضطرابات في القلب أو صعوبات في التنفس.