
في أعقاب فاجعة أودت بحياة اثنين وعشرين طفلا بولاية ماديا براديش الهندية نتيجة استهلاكهم شراب سعال ملوث اتخذت السلطات في ولاية أوتاراخاند المجاورة إجراءات وقائية حاسمة لحماية صحة الأطفال ومنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية وشملت هذه الإجراءات فرض رقابة صارمة على تداول وبيع أدوية الباراسيتامول المخصصة للأطفال.
وتأتي هذه الخطوة كرد فعل مباشر على الأزمة الصحية التي كشفت عن وجود مادة ثنائي إيثيلين جلايكول الكيميائية السامة في دواء سعال ما أدى إلى وفاة الأطفال بعد إصابتهم بالفشل الكلوي. وبناء على ذلك أصدرت السلطات الصحية في أوتاراخاند تعليمات واضحة لجميع الصيدليات بضرورة الامتناع عن بيع شراب الباراسيتامول للأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات دون تقديم وصفة طبية معتمدة.
وقد أكد وزير الصحة الدكتور دان سينج راوات على جدية الحكومة في تطبيق هذه التعليمات مشيرا إلى أن أي صيدلية تخالف القواعد ستواجه إجراءات عقابية صارمة وأوضح أن الهدف الرئيسي من هذه الحملة هو ضمان حماية الأطفال من أي مخاطر قد تنجم عن الأدوية الملوثة أو غير المطابقة للمواصفات. وتتضمن الإجراءات الحكومية تنفيذ حملات تفتيش مكثفة على الصيدليات لجمع عينات من الأدوية المتداولة وإخضاعها للفحص المخبري الدقيق للتأكد من جودتها وسلامتها وخلوها من أي مواد ضارة.
وبالعودة إلى الحادثة الأصلية كشفت التحاليل المخبرية التي أجريت على شراب السعال المتسبب في الوفيات عن احتوائه على نسبة مرتفعة جدا من مادة ثنائي إيثيلين جلايكول بلغت 48.6 بالمئة وهي نسبة قاتلة. وعلى إثر هذه النتائج قامت السلطات بحظر المنتج فورا وتم إلقاء القبض على مالك الشركة المصنعة وتقديمه للعدالة.
وتسعى السلطات الصحية من خلال تشديدها الرقابة على أدوية الباراسيتامول إلى تحقيق عدة أهداف أولها ضبط جودة المنتجات الدوائية والتأكد من أنها آمنة وخالية تماما من أي ملوثات خطيرة مثل مادة DEG أو إيثيلين جليكول التي ظهرت في حوادث سابقة. كما يهدف القرار إلى الحد من مخاطر الجرعات الزائدة العرضية حيث يحذر خبراء الصحة من أن أي خطأ في تحديد الجرعة المناسبة للرضع والأطفال الصغار يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية وخيمة.
ويضاف إلى ذلك مخاوف الأطباء من الإفراط في استخدام الباراسيتامول من قبل الآباء دون استشارة طبية. فعلى الرغم من كون الدواء آمنا عند استخدامه بالجرعات الصحيحة إلا أن الاستخدام المفرط أو غير المبرر قد يتسبب في تسمم الكبد وإلحاق أضرار جسيمة بصحة الطفل على المدى الطويل.
ويشدد الأطباء على وجود آثار جانبية محتملة وخطيرة قد تظهر على الأطفال نتيجة تناول جرعات زائدة من الباراسيتامول. ومن بين هذه الأعراض ظهور دم في البراز أو البول وظهور طفح جلدي أو بقع حمراء على الجلد والشعور بإرهاق وضعف شديد. ومن العلامات الأكثر خطورة اصفرار الجلد أو العينين وهو ما يشير إلى مشاكل في الكبد والشعور بآلام في منطقة أسفل الظهر وارتفاع درجة حرارة الجسم المصحوبة بقشعريرة.
ولتجنب هذه المخاطر يقدم الخبراء مجموعة من الاحتياطات الواجب على الآباء اتباعها. وتتمثل النصيحة الأولى والأهم في ضرورة استشارة الطبيب دائما قبل إعطاء الطفل أي دواء يحتوي على مادة الأسيتامينوفين وهي المادة الفعالة في الباراسيتامول. كما يجب الحذر من الجمع بين أكثر من دواء يحتوي على نفس المادة الفعالة لتجنب تجاوز الجرعة الآمنة. وفي حال ظهور أي أعراض تدل على حساسية أو مشاكل في الكبد لدى الطفل يجب التوقف فورا عن إعطائه الدواء والتوجه إلى الطبيب المختص.