الاتصالات واليونسكو تنظمان فعالية الذكاء الاصطناعي والمجتمع
نظمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، فعالية الذكاء الاصطناعي والمجتمع، ضمن الجولة الثانية من المشاورات الوطنية لتقييم جاهزية الذكاء الاصطناعي في مصر، وذلك بمركز إبداع مصر الرقمية – كريتيفا الجيزة، بمشاركة نخبة من ممثلي الوزارات والجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
إطلاق منهجية تقييم الجاهزية للذكاء الاصطناعي في مصر
تأتى هذه الفعالية استكمالًا لمسار بدأ في فبراير الماضي مع إطلاق منهجية تقييم الجاهزية للذكاء الاصطناعي في مصر، إلى جانب عقد الجولة الأولى من المشاورات الوطنية، التي تناولت آنذاك أبعادًا جوهرية مثل الاقتصاد، والتشريعات، والتعليم.
بينما ركزت الجولة الحالية على تناول الجوانب الاجتماعية والثقافية والبيئية للذكاء الاصطناعي، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداةً لتمكين الإنسان، لا بديلًا عنه.
في كلمتها الافتتاحية، أكدت الدكتورة هدى بركة، مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية، أن هذه المشاورات تعكس التزام مصر بتطوير بيئة رقمية عادلة وشاملة، قائمة على الثقة والمسؤولية، وتتماشى مع أهداف الدولة في تعزيز مكانتها إقليميًا ودوليًا؛ مشيرة إلى أن نجاح أي سياسة رقمية لا يُقاس بالتطور التقني فقط، بل بمدى تأثيرها الإيجابي على المجتمع؛ داعية إلى تبنى نهج تشاركي يضم جميع فئات المجتمع، من الحكومة والقطاع الخاص إلى الشباب والمبدعين، مؤكدة أن هذا التقييم يتكامل مع الإصدار الثاني من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي تضع الإنسان في قلب سياسات الذكاء الاصطناعي.
هذا وقد ضمت المشاورات ثلاث جلسات رئيسية تناولت مختلف أبعاد الذكاء الاصطناعي، حيث تناولت جلسة الذكاء الاصطناعي والثقافة، الحفاظ على الماضي والابتكار للمستقبل، ودور الذكاء الاصطناعي في صون وتعزيز التراث الثقافي عبر تقنيات حديثة مثل الرقمنة، الواقع المعزز، والخرائط التفاعلية.
وخلال الجلسة، شدد المتحدثون على ضرورة توفير دعم تقنى ومؤسسي من اليونسكو والشركاء الدوليين لتعزيز توثيق التراث الثقافي المصري بما يعود بالنفع الاقتصادي والمجتمعي؛ مؤكدين أهمية التعاون المحلى والدولي في رقمنة الأرشيفات المتحفية، وإطلاق برامج زمالة وتبادل خبرات دولية لدعم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات الحفظ والتوثيق.
كما أشاروا إلى تزايد اهتمام الأكاديميين والطلاب بدمج الذكاء الاصطناعي في حماية التراث، داعين إلى توسيع منصات التعاون وتبادل الخبرات في هذا المجال.
كما عقدت جلسة بعنوان الذكاء الاصطناعي والشمول الاجتماعي بناء مجتمع أكثر عدالة، تناولت كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز الإدماج الاجتماعي ومكافحة التحيز الخوارزمي، وأجمع المشاركون على الحاجة الملحة لمعالجة التحيزات المدمجة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، لا سيما تجاه النساء والفئات المهمشة.
وشدد المتحدثون على أهمية بناء شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص، وإطلاق حملات وطنية للتوعية بالذكاء الاصطناعي وتعزيز الثقافة الرقمية، وأكدت الجلسة أن تحقيق الشمولية يجب أن يكون هدفًا رئيسيًا في السياسات العامة، وتصميم الأنظمة، وحوكمة المؤسسات، لضمان أن يصبح الذكاء الاصطناعي أداة تمكين لجميع أفراد المجتمع وليس وسيلة للإقصاء.
وناقشت جلسة الذكاء الاصطناعي من أجل البيئة والاستدامة توظيف التكنولوجيا لمستقبل أكثر خضرة، وكيفية تطويع الذكاء الاصطناعي لدعم الاستدامة البيئية ومواجهة تحديات تغير المناخ وإدارة الموارد.
واتفق المتحدثون خلال الجلسة على أربعة مكونات أساسية لتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في دعم الاستدامة البيئية، شملت تفعيل التعاون بين التخصصات الأكاديمية لتطوير الاستخدام السليم لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومعالجة تجزئة البيانات البيئية التي تعيق فعالية الأدوات الذكية؛ وإطلاق حملة وطنية لتحويل السجلات البيئية التاريخية إلى صيغة رقمية لدعم النماذج الذكية، إلى جانب بناء الثقة وتعزيز مشاركة أصحاب المصلحة وصناع القرار لضمان عدالة الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وخلصت الفعالية إلى عدد من التوصيات المهمة، كان من أبرزها: ضرورة دمج مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التصميم والتنفيذ، وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات لتوطين التكنولوجيا بشكل مستدام؛ بالإضافة إلى دعم بناء القدرات الوطنية، لاسيما في مجالات الرقمنة والبيانات وحماية الحقوق الثقافية والاجتماعية، فضلًا عن تطوير أدوات تقييم وطنية تراعى الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المصري، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لدعم الابتكار المسؤول والمستدام.
من جانبها، أكدت الدكتورة نوريا سانز، مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، على التزام المنظمة بمواصلة الدعم الفني والمؤسسي لمصر في رحلتها نحو بناء منظومة ذكاء اصطناعي أخلاقية ومستدامة، مشيرة إلى أهمية إشراك صناع السياسات، والأكاديميين، والفنانين في بلورة رؤى مستقبلية تعزز من دور الذكاء الاصطناعي كقوة إيجابية للمجتمع، موضحة أن نجاح الذكاء الاصطناعي في المجال الثقافي يتوقف على تبنى مقاربات شاملة تقودها المجتمعات المحلية، مع الحفاظ على الأصوات الإبداعية.