«الغذاء والدواء» تضع حدًا للسموم الفطرية والمعادن الثقيلة في الأعلاف

«الغذاء والدواء» تضع حدًا للسموم الفطرية والمعادن الثقيلة في الأعلاف


طرحت الهيئة العامة للغذاء والدواء مسودة ”اللائحة الفنية للملوثات في الأعلاف“ عبر منصة ”استطلاع“، داعية جميع المختصين والمهتمين لإبداء مرئياتهم، بهدف تنظيم الحدود القصوى للملوثات الكيميائية والميكروبية والسموم الفطرية في الأعلاف الحيوانية، باعتبارها عنصرًا محوريًا في الأمن الغذائي.
وتستهدف اللائحة الجديدة بشكل خاص الملوثات التي تؤثر سلبًا على سلامة الأعلاف الحيوانية سواء أكانت ناتجة عن التلوث أثناء الزراعة أو التصنيع أو النقل أو التخزين.
وتشمل هذه الملوثات فئات متعددة مثل السموم الفطرية، والمعادن الثقيلة، والسيانيد، والميلامين، والديوكسينات، وجميعها ثبت علميًا أنها تمثل خطراً مباشراً على صحة الحيوان، وقد تنتقل آثارها إلى الإنسان عبر المنتجات الحيوانية.

السموم الفطرية.. تهديد خفي

وتعتبر السموم الفطرية «Mycotoxins» من أخطر الملوثات في الأعلاف، وهي نواتج ثانوية لنمو الفطريات في بيئات رطبة ومناسبة، ورغم كونها مركبات طبيعية، إلا أن خطورتها تكمن في تأثيرها السُمّي المباشر على الكبد والكلى والجهاز العصبي للحيوانات، فضلًا عن دورها في انخفاض المناعة والإنتاجية، وبالتالي خطر انتقالها عبر اللحوم والحليب والبيض إلى المستهلك البشري.

أنواع السموم

وحددت اللائحة الحدود القصوى لعدة أنواع من هذه السموم، أبرزها ”الأفلاتوكسين“ والحد الأقصى المسموح به في الأعلاف المركبة للحيوانات الحلابة يبلغ 0,005 ملجم/كجم، والدي أوكسيني فالينول «DON» في الأعلاف المركبة المخصصة للعجول والحملان يجب ألا تتجاوز 2 ملجم/كجم، وزيرالينون «Zearalenone في الأعلاف المركبة للمجترات حُدّد عند 0,5 ملجم/كجم.
وحظرت اللائحة خلط الأعلاف الملوثة بنسب تفوق الحد الأقصى مع أعلاف أخرى بهدف التخفيف، مع السماح باستخدام محيدات سموم أو إضافات معينة مثل الأمونيا ضمن معايير الهيئة.

حدود قصوى

وتشكل المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص والكادميوم مصدر قلق بيئي وصحي، إذ قد تتسرب إلى الأعلاف من خلال التربة أو المياه أو أثناء عمليات التصنيع.
وحددت اللائحة نسباً دقيقة للحدود القصوى لهذه المعادن بحسب نوع العلف ومصدره، وجاءت أبرزها ”الزرنيخ،“ الذي حُدّد الحد الأقصى له في الأعلاف المركبة عند 2 ملجم/كجم، و”الكادميوم“، وتراوح الحد الأقصى بين 0,5 ملجم/كجم في الأعلاف المركبة و2 ملجم/كجم في بعض المواد الخام، و”الرصاص“، وبلغ الحد الأقصى 5 ملجم/كجم في الأعلاف المركبة، مع استثناءات لبعض المكونات مثل الفوسفات، و”الزئبق“، والحد المسموح به في الأعلاف المركبة هو 0,1 ملجم/كجم.
وتبرز أهمية هذه الحدود في حماية الحيوان من التسمم المزمن والآثار التراكمية، كما تمنع انتقال المعادن السامة إلى الإنسان عبر لحوم وألبان الحيوانات.

مركبات كيميائية محظورة

وتضمنت اللائحة تنظيمًا دقيقًا لوجود السيانيد، وهو مركب كيميائي شديد السمية يُنتج طبيعياً بواسطة بعض البكتيريا والفطريات والطحالب، وحددت الهيئة حداً أقصى يبلغ 10 ملجم/كجم في الأعلاف المركبة للدواجن، مع نسب أعلى للمكونات النباتية مثل بذور الكتان.
أما الميلامين، فهو مركب يحتوي على نسبة عالية من النيتروجين ويُستخدم في الصناعة، وأثار جدلاً دوليًا بعد اكتشافه في أعلاف وأغذية ملوثة أدت إلى حالات تسمم. وتضمنت اللائحة السعودية حداً أقصى صارماً يبلغ 2,5 ملجم/كجم، مع استثناءات مقننة في حال وجود الميلامين بسبب عوامل غير مقصودة، مثل الهجرة من مواد التعبئة أو استخدام إضافات علفية معينة.

ملوثات عضوية ثابتة وفتاكة

وأشارت مسودة اللائحة إلى خطورة الديوكسينات، وهي مجموعة مركبات عضوية كلورية تُعد من الملوثات العضوية الثابتة، وتنتج غالباً من الاحتراق غير الكامل أو العمليات الصناعية، وبسبب سميّتها العالية وقدرتها على التراكم الحيوي، فقد أكدت الهيئة ضرورة إخضاع الأعلاف لاختبارات دقيقة للكشف عن وجود هذه المواد.

ضوابط صارمة لطرق أخذ العينات

ومن أبرز ما تضمنته اللائحة، تأكيدها لأهمية أخذ العينات بطريقة علمية ومعتمدة لضمان دقة نتائج التحليل وسلامة التقييم، وتطبيق المواصفات القياسية في جميع المراحل بدءاً من جمع العينة حتى تحليلها.
ومن المتوقع أن تسهم اللائحة الجديدة في رفع جودة الأعلاف المنتجة محليًا والمستوردة، بما يعزز من قدرة المملكة على المنافسة في الأسواق العالمية، كما أن التقيّد بهذه الاشتراطات سيؤدي إلى تقليل معدلات النفوق والإصابة بالأمراض في الثروة الحيوانية، وتحسين مؤشرات الإنتاج الحيواني مثل النمو والإدرار.
ومن الناحية الصحية، فإن تقليص مستويات التلوث في الأعلاف ينعكس مباشرة على سلامة المنتجات الحيوانية، وهو ما يصب في مصلحة المستهلك النهائي، ويعزز ثقة الجمهور في جودة المنتجات الوطنية.