تنظيم التبغ في أوروبا يثير الجدل.. صراع بين الصحة العامة والتدخل السياسي
دعا وزير الصحة الهولندي، فينسنت كاريمانس، المفوضية الأوروبية بالإسراع في وضع إطار تنظيمي جديد يفرض قيودًا صارمة على السجائر التقليدية، وبدائلها الأقل ضررًا كالسجائر الإلكترونية وأكياس النيكوتين ويبدو أن المعركة الدائرة في أوروبا اليوم بشأن تنظيم التبغ ومنتجات النيكوتين قد تجاوزت الإطار الصحي التقليدي، لتتحول إلى جزء من مشروع سياسي أوسع يتسم بالتدخلية، وفق يورو أكتيف.
عرقلة الابتكارات التي تحد من المخاطر
وبحسب تحليل اقتصادي، يرى مراقبون أن هذه الإجراءات تتجاوز نطاق السياسة الصحية المعهودة، وتعمل كنموذج لما يمكن وصفه بـ التقدم العلاجي الزائف.
فبينما تتخذ هذه الحملات غطاء حماية الصحة، فإنها في جوهرها تفرض ضرائب جديدة وتعرقل الابتكار في تقنيات الحد من المخاطر.
وتكمن المفارقة في أن هذه الحملات، التي تُقدم على أنها تخدم الصالح العام، قد تكون في الواقع أداة لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، يدفع ثمنها المستهلكون والشركات الرائدة في تطوير تقنيات بديلة أقل ضررًا.
زيادة الأعباء الضريبية والتنظيمية
وفي ظل الأزمة التنافسية التي تعاني منها أوروبا، تبدو زيادة الأعباء الضريبية والتنظيمية على قطاعات تسعى لتقديم حلول مبتكرة بمثابة وصفة للفشل، فبدلًا من دعم التطوير والاستثمار، يتجه الخطاب السياسي نحو التضييق والتقييد، وهو نهج تقليدي لم تثبت فعاليته على المدى الطويل.
ويحذر محللون من أن الاتحاد الأوروبي يقترب من تبني أشد أشكال التدخل البيروقراطي، في وقت هو أحوج ما يكون فيه إلى المرونة والتعاون لتعزيز موقعه الاقتصادي. ويستشهدون بتقرير حديث للاقتصادي والسياسي الإيطالي البارز، ومحافظ البنك المركزي الإيطالي، ماريو دراجي، الذي أكد على أن استعادة القدرة التنافسية تتطلب تقليص البيروقراطية وتحفيز الاستثمار، وهو ما يتعارض مع السياسات الحالية في بروكسل.
التحول نحو بدائل تدخين أقل خطورة
وبالنظر إلى التجارب الناجحة في مكافحة التدخين، فإن التحول نحو بدائل أقل خطورة يجب أن يُنظر إليه كفرصة لا كخطر يستوجب التقييد. لذا، يتوجب على أوروبا، إذا كانت تسعى حقًا لتحسين الصحة العامة دون التضحية بالابتكار والتنافسية، أن تبني سياساتها على التمييز بين المنع والإدارة، وفهم الواقع، وتحفيز التغيير المسؤول.
ومع اقتراب مؤتمر الأطراف الحادي عشر COP 11 في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ FCTC في جنيف في نوفمبر القادم، يراقب العالم الجدل الأوروبي، ويدعو المختصون والمستهلكون إلى تحول جذري في السياسات من الحظر والتقييد إلى الاعتراف بالبدائل الخالية من الدخان كأداة فعالة لتقليل الأمراض والوفيات المرتبطة بالتدخين.