
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن ارتفاع ضغط الدم يؤثر على حياة ما يقارب 1.28 مليار شخص بالغ تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاما حول العالم. المشكلة لا تكمن فقط في العوامل الوراثية أو الأمراض الكبرى بل في ممارسات يومية تبدو بسيطة وغير ضارة لكنها تضع عبئا متزايدا وخفيا على القلب والأوعية الدموية دون أن ندرك ذلك.
تمتد الممارسات الخاطئة لتشمل عادات جسدية بسيطة. فالجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات مع انحناء الظهر لا يضر بالهيكل العظمي فحسب بل يعيق أيضا تدفق الدم السليم مما يجبر القلب على بذل مجهود مضاعف لتوزيع الدم في الجسم. كما أن تجاهل حاجة الجسم للتبول وحبس البول لفترات طويلة يضع ضغطا على المثانة والكلى ومع تكرار هذه العادة يمكن أن يؤثر سلبا على الدورة الدموية.
لا يقتصر الأمر على العادات الجسدية والغذائية بل يمتد إلى البيئة المحيطة والحالة النفسية. فالتعرض المستمر للضوضاء سواء من حركة المرور أو حتى صوت التلفزيون المرتفع قد يرفع ضغط الدم بشكل طفيف حيث تشير الدراسات إلى أن الضجيج ينشط مسارات التوتر في الدماغ ويبقي الأوعية الدموية في حالة من التضيق. ويرتبط بذلك أيضا نمط النوم فاضطراب الساعة البيولوجية للجسم سواء بالنوم أقل من ست ساعات أو أكثر من تسع ساعات بانتظام يؤدي إلى زيادة هرمونات التوتر مثل الكورتيزول التي تساهم مباشرة في رفع ضغط الدم.
تعد بعض الأطعمة المصنعة التي يتم تسويقها على أنها خيارات صحية من بين الأسباب الخفية لارتفاع ضغط الدم. فألواح الطاقة وأنواع الزبادي المضاف إليها نكهات صناعية وحتى خلطات الشوفان الفورية غالبا ما تحتوي على كميات كبيرة من السكريات والصوديوم مما يساهم بشكل غير ملحوظ في زيادة الضغط. وبالمثل فإن الأطباق الجانبية الشائعة كالمخللات قد تبدو غير مؤذية عند استهلاكها بكميات قليلة لكن محتواها المرتفع من الملح يرفع مستويات الصوديوم في الجسم تدريجيا مع كل وجبة.
على جانب آخر لا يقتصر تأثير النظام الغذائي على ما نأكله فقط بل يشمل أيضا ما نهمله. فتخطي وجبة الإفطار بشكل منتظم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. فالوجبة الصباحية المتوازنة تساعد على استقرار نسبة السكر في الدم وتمنع الجسم من إفراز هرمونات التوتر التي ترفع الضغط. كما أن عدم شرب كمية كافية من الماء يؤدي إلى الجفاف حتى لو كان خفيفا مما يزيد من كثافة الدم ويجبر القلب على العمل بجهد أكبر لضخه وهو ما يشكل ضغطا مستمرا قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
طريقة التعامل مع المشاعر تلعب دورا مهما فالأشخاص الذين يكبتون مشاعر الغضب والإحباط باستمرار يميلون إلى تسجيل قراءات ضغط دم أعلى مقارنة بمن يعبرون عن مشاعرهم بطريقة صحية. ويندرج ضمن هذه الفئة أيضا الاستخدام المفرط لمسكنات الألم الشائعة مثل الإيبوبروفين حيث تؤثر هذه الأدوية على وظائف الكلى وقدرتها على تنظيم السوائل والصوديوم بالجسم وكلاهما عاملان مرتبطان مباشرة بضغط الدم.