
رغم الإغراء الكبير الذي تمثله الأطعمة السريعة كحل سهل ومريح في ظل إيقاع الحياة المتسارع وانتشار خدمات التوصيل إلا أن تأثيرها على الجسم يبدأ بشكل فوري ومباشر مع أول قضمة تتناولها حيث تنطلق سلسلة معقدة من التفاعلات البيولوجية التي تؤثر على كل شيء من مستويات الطاقة إلى الحالة المزاجية.
يحذر خبراء التغذية من أن الجسم يتلقى صدمة حقيقية خلال الدقائق العشر الأولى من تناول وجبة سريعة فكميات السكر والدهون الهائلة تتدفق بسرعة إلى مجرى الدم مما يدفع البنكرياس إلى إفراز كميات كبيرة من الأنسولين في محاولة للسيطرة على ارتفاع مستوى السكر وقد يشعر الشخص بنشوة مؤقتة تشبه السعادة سببها إفراز هرمون الدوبامين وهو نفس الناقل العصبي الذي يتم تحفيزه في حالات الإدمان.
بعد مرور ما بين ثلاثين إلى ستين دقيقة تبدأ مرحلة جديدة من التأثيرات حيث يشعر الشخص بالخمول والثقل الجسدي فالجسم يبذل مجهودا كبيرا لهضم الدهون المشبعة ما يؤدي إلى تباطؤ عملية الهضم وتحويل جزء كبير من تدفق الدم نحو الجهاز الهضمي على حساب بقية أعضاء الجسم وهو ما يفسر الشعور بالكسل والنعاس كما أن المحتوى العالي من الصوديوم في هذه الوجبات يمكن أن يسبب ارتفاعا مؤقتا في ضغط الدم.
المفارقة الغريبة تحدث بعد مرور بضع ساعات فعلى الرغم من استهلاك مئات السعرات الحرارية إلا أن شعورا بالجوع الكاذب يعود ليطرق باب المعدة مجددا ويرجع ذلك إلى افتقار هذه الأطعمة للألياف والبروتينات الضرورية لمنح إحساس طويل الأمد بالشبع وهذا النقص الغذائي إلى جانب التذبذب الحاد في مستويات سكر الدم يمكن أن يؤدي مع تكرار هذه العادة إلى تقلبات مزاجية وصداع مزمن.
إن الأضرار الحقيقية للوجبات السريعة لا تقتصر على التأثيرات قصيرة المدى بل تتراكم مع مرور الوقت لتشكل تهديدات صحية خطيرة فالاعتماد عليها بشكل مستمر يؤدي حتما إلى زيادة الوزن والسمنة المفرطة ويرفع من مستويات الكوليسترول الضار في الدم مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين فضلا عن أنه يمهد الطريق للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني ويسبب خللا في التوازن الهرموني والمزاجي العام.
للحد من الأضرار الناجمة عن تناول هذه الأطعمة عند الضرورة يمكن اتباع بعض الإرشادات الذكية مثل تفضيل الخيارات المشوية على المقلية واختيار الأحجام الأصغر أو مشاركة الوجبة مع شخص آخر ومن المهم أيضا تقليل استهلاك الصلصات الغنية بالدهون والسكريات والمشروبات الغازية والأهم من كل ذلك هو الحرص على أن يكون تناول الوجبات السريعة استثناء نادرا في النظام الغذائي وليس عادة يومية.