الحلويات بعد العشاء: كشف أسباب علمية وراء رغبتك الشديدة في تناولها ليلاً

الحلويات بعد العشاء: كشف أسباب علمية وراء رغبتك الشديدة في تناولها ليلاً
الحلويات بعد العشاء: كشف أسباب علمية وراء رغبتك الشديدة في تناولها ليلاً

تعتبر الرغبة الملحة في تناول الأطعمة الحلوة بعد وجبة العشاء ظاهرة واسعة الانتشار لا ترتبط بضعف الإرادة بقدر ما هي نتيجة لتفاعل معقد بين عوامل بيولوجية ونفسية وعادات مكتسبة وفهم هذه الدوافع العميقة يمثل الخطوة الأولى نحو إدارة هذه الرغبة والاستمتاع بالحلويات باعتدال ووعي.

إن التغيرات في مستويات سكر الدم تلعب دورا محوريا في هذه العملية فعند تناول وجبات عشاء غنية بالكربوهيدرات المكررة يرتفع سكر الدم بسرعة ثم يهبط بشكل حاد وهذا الانخفاض المفاجئ يدفع الدماغ إلى إرسال إشارات قوية للمطالبة بمصدر سريع للطاقة وهو ما يجده في السكريات البسيطة ولتجنب هذه التقلبات ينصح خبراء التغذية بتناول وجبات متوازنة تحتوي على البروتين والألياف والدهون الصحية التي تضمن استقرار مستويات السكر لفترة أطول.

على المستوى البيولوجي أيضا تعمل الساعة الداخلية للجسم ضدنا في المساء إذ تشير الدراسات إلى أن الرغبة الطبيعية في استهلاك الأطعمة الحلوة والنشوية تصل إلى ذروتها خلال ساعات المساء وهذا النمط الفطري يجعل مقاومة الحلويات أكثر صعوبة في هذا الوقت من اليوم والوعي بهذا الإيقاع اليومي يساعد في التخطيط المسبق وتجهيز بدائل صحية لتلبية هذه الرغبة عند ظهورها.

ولا يمكن إغفال دور نظام المكافأة في الدماغ فالسكريات تحفز إطلاق نواقل عصبية مثل الدوبامين والسيروتونين التي تمنح شعورا مؤقتا بالراحة والسعادة ويتعلم الدماغ ربط هذا الشعور الممتع بتناول الحلوى مما يخلق حلقة من التعزيز الإيجابي تدفع الشخص إلى تكرار السلوك بحثا عن تلك المكافأة الكيميائية وإدراك أن هذا التأثير قصير الأمد يساعد في اتخاذ قرارات أكثر حكمة.

من الناحية النفسية قد يؤدي الحرمان الشديد من السكر إلى نتائج عكسية تماما فعندما يقرر شخص ما الامتناع الكلي عن الحلويات فإن الدماغ قد يفسر هذا التقييد الصارم على أنه خسارة كبيرة مما يزيد من التركيز على ما هو ممنوع ويضاعف الرغبة فيه بشكل كبير وبدلا من الحظر التام فإن اتباع نهج معتدل يسمح بتناول حصص صغيرة من الحلويات يقلل من الشعور بالحرمان ويجعل السيطرة على الرغبة أسهل.

هناك أيضا مفهوم يعرف بالشبع الحسي المحدد والذي يعني أن الرغبة في تناول الطعام تقل لنوع معين من النكهات بعد استهلاك كمية منه حتى لو لم يكن الشخص ممتلئا تماما فبعد وجبة عشاء مالحة أو حامضة قد يشعر الجسم بالرضا عن هذه النكهات لكنه يظل يبحث عن تجربة حسية مختلفة تماما وهنا يأتي دور الطعم الحلو ليقدم هذا التنوع المطلوب ويمكن التغلب على ذلك عبر دمج نكهات متعددة في الوجبة الرئيسية نفسها.

كما أننا نعيش في بيئة مشبعة بالمحفزات البصرية التي تروج للأطعمة السكرية فالتعرض المستمر لإعلانات الحلويات وصورها الجذابة على وسائل التواصل الاجتماعي ينشط نظام المكافأة في الدماغ ويثير الرغبة حتى في غياب الجوع الحقيقي إن الألوان الزاهية والروائح والأصوات المرتبطة بهذه الأطعمة تعمل كإشارات قوية للدماغ تدفعه نحو استهلاكها وتقليل التعرض لهذه المحفزات البصرية قد يساهم في الحد من الانجراف وراءها.

إن الانغماس في قطعة من الحلوى بين الحين والآخر ليس أمرا سيئا ولكن يمكن القيام بذلك بذكاء من خلال اختيار بدائل صحية وأقل ضررا مثل الفواكه الطازجة الغنية بالألياف أو قطعة صغيرة من الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على مضادات الأكسدة أو إعداد مشروب التوت والكاكاو أو تناول الزبادي المجمد كخيار منخفض السكر ومرضٍ في نفس الوقت.