
يعتزم مسؤولون في قطاع الصحة بالولايات المتحدة طرح بيانات تربط لقاحات فيروس كورونا بوفاة 25 طفلا وذلك في إطار مداولات تهدف إلى تقييد نطاق التوصيات بمنح اللقاحات للأمريكيين. ويأتي هذا التحرك قبيل اجتماع حاسم للجنة استشارية مؤثرة تابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ستؤثر قراراتها على توفر اللقاحات وتغطيتها المالية.
تستند هذه المعلومات التي أثارت قلق بعض مسؤولي الصحة إلى النظام الفيدرالي للإبلاغ عن الآثار الجانبية للقاحات وهو نظام يجمع تقارير غير محققة عن تجارب سلبية مع اللقاحات. ويتضمن هذا النظام تقارير قد يقدمها أي شخص مثل المرضى أو الأطباء دون أن يتم التحقق من وجود صلة سببية مباشرة بين اللقاح والأثر الجانبي المبلغ عنه. وتؤكد مراكز السيطرة على الأمراض أن قاعدة البيانات هذه ليست مصممة لتحديد ما إذا كان اللقاح هو سبب الوفاة إذ يتطلب استنتاج كهذا تحقيقات علمية معمقة.
من المقرر أن تُعرض هذه الادعاءات في عرض تقديمي الأسبوع المقبل أمام اللجنة الاستشارية لممارسات التمنيع التي تلعب دورا محوريا في تحديد توصيات لقاح كورونا الجديد. وفي هذا السياق صرح متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية أن موظفي إدارة الغذاء والدواء ومراكز السيطرة على الأمراض يحللون بيانات السلامة بشكل دوري بما في ذلك بيانات نظام تقييم الاستجابة للطوارئ. وأكد أن هذه المراجعات تنشر بشفافية وأن أي توصيات مستقبلية ستستند إلى أسس علمية دقيقة تتم مناقشتها علنا في اجتماع اللجنة.
أثارت هذه الخطة مخاوف في الأوساط العلمية حيث يرى بعض الخبراء أن لقاحات كورونا خضعت لدراسات مكثفة أثبتت فعاليتها وأمانها بما في ذلك على الأطفال. ويحذر هؤلاء العلماء من أن التركيز على تقارير غير مؤكدة قد يقلل من شأن المخاطر الحقيقية التي يمثلها فيروس كورونا نفسه. وكان موظفو مراكز السيطرة قد قدموا في يونيو الماضي بيانات لنفس اللجنة تظهر أن 25 طفلا على الأقل توفوا بعد دخولهم المستشفى بسبب إصابتهم بكوفيد منذ يوليو 2023 وهو رقم يرجح أن يكون أقل من العدد الفعلي للوفيات.
يأتي هذا الجدل في وقت تختلف فيه التوصيات عالميا فالعديد من الدول لا توصي بتطعيم الأطفال الأصحاء سنويا ضد الفيروس نظرا لندرة الوفيات في هذه الفئة العمرية ولكون معظم الإصابات تكون بأعراض خفيفة. في المقابل برر المسؤولون الأمريكيون التوصية بالتطعيمات السنوية بناء على بيانات تظهر أن الرضع والأطفال الصغار يواجهون خطرا متزايدا لدخول المستشفى وأن نسبة كبيرة من الذين احتاجوا للعلاج في المستشفيات لم تكن لديهم أمراض مزمنة فضلا عن أن اللقاحات توفر حماية من الإصابة بكوفيد طويل الأمد.
ويعكس هذا التباين جدلا داخليا أوسع حيث سبق أن دعا روبرت إف كينيدي الابن وهو من أبرز منتقدي سياسات لقاحات كورونا مسؤولي الصحة إلى التوقف عن التوصية باللقاح للأطفال الأصحاء. وعلى إثر ذلك أوصت مراكز السيطرة على الأمراض الآباء بمراجعة الطبيب قبل اتخاذ قرار التطعيم. في المقابل توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بتطعيم جميع الأطفال بين 6 أشهر و23 شهرا سنويا وتتيح الخيار للآباء بالنسبة للأطفال الأكبر سنا إذا رغبوا في حمايتهم.
يكتسب اجتماع اللجنة الاستشارية الأسبوع المقبل أهمية قصوى لأن توصياته ستؤثر بشكل مباشر على قرارات شركات التأمين بتغطية تكاليف اللقاحات وعلى إمكانية توفيرها في الصيدليات ومدى استعداد الأطباء لتقديمها للمرضى. من جهتها علقت شركة موديرنا وهي إحدى الشركات المصنعة للقاحات بتقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال مؤكدة أن الأبحاث العالمية تظهر بوضوح أن فوائد اللقاح تفوق مخاطره. وأضافت الشركة أنه رغم توزيع أكثر من مليار جرعة حول العالم لم تسجل أنظمة المراقبة الصحية في الولايات المتحدة أو أستراليا أو كندا أو أوروبا أي مخاوف جديدة أو غير معلنة تتعلق بالسلامة لدى الأطفال أو النساء الحوامل.