
يحتل المطبخ المغربي مكانة مرموقة عالميا بفضل تنوع أطباقه التي تجمع بين الأصالة والابتكار ويعتبر جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي الغني للبلاد وفي قلب هذا المطبخ العريق تتربع حلوى المحنشة كأحد أبرز إبداعاته التي تجسد فن الطهي المغربي الأصيل بتقديمها تجربة فريدة للحواس بطعمها الذي لا يقاوم.
تستمد المحنشة اسمها الفريد من شكلها اللولبي المميز الذي يشبه ثعبانا ملتفا حول نفسه وهو تصميم لا يمنحها مظهرا جذابا على المائدة فحسب بل يعكس أيضا الدقة والمهارة في تحضيرها لتصبح قطعة فنية تسر الناظرين قبل أن تبهج المتذوقين.
تعتمد الوصفة التقليدية للمحنشة الحلوة على حشوة غنية من عجينة اللوز المطحون والممزوج بماء الزهر والقرفة لمنحها نكهة شرقية أصيلة ودافئة وبعد لف هذه الحشوة بعناية داخل طبقات رقيقة من ورق البسطيلة يتم طهيها حتى تكتسب لونا ذهبيا ثم تسقى بالعسل وتزين برقائق اللوز المحمص.
لا يقتصر إبداع المحنشة على الحلويات فقط بل تمتد شعبيتها لتشمل أصنافا مالحة متنوعة حيث يتم استبدال حشوة اللوز بحشوات أخرى شهية مثل الدجاج المتبل أو فواكه البحر الطازجة أو اللحم المفروم مع الخضروات ما يجعلها طبقا رئيسيا متكاملا يمكن تقديمه في مختلف المناسبات.
تعد المحنشة ضيفا أساسيا على موائد الاحتفالات والأعياد والمناسبات العائلية الكبرى في المغرب فهي ترمز إلى الكرم والضيافة وتقدم كطبق فاخر يعبر عن التقدير للضيوف كما أنها تحظى بحضور خاص خلال شهر رمضان المبارك لتكون جزءا من تقاليد الإفطار المغربي.
يتطلب إعداد هذه التحفة الفنية مهارة خاصة في التعامل مع ورق البسطيلة الهش ولفه بإحكام حول الحشوة دون تمزيقه ثم تشكيله بحركة دائرية متقنة للحصول على الشكل الحلزوني المثالي وهي عملية توارثتها الأجيال كجزء من أسرار المطبخ المغربي الذي يشتهر بالدقة والجمال في تقديم أطباقه.