يُعد الصداع النصفي أحد الاضطرابات العصبية الشائعة التي تعطل حياة الملايين حول العالم وتحد من قدرتهم على ممارسة أنشطتهم المعتادة. لكن ما يغفل عنه الكثيرون أن هذه النوبات المؤلمة لا تبدأ فجأة بل تسبقها مرحلة تحذيرية تحمل علامات جسدية ونفسية غير متوقعة قد تظهر قبل يوم كامل من بدء الألم الفعلي.
تتمثل إحدى أبرز هذه الإشارات المبكرة في تقلبات مزاجية حادة وغير مبررة حيث قد يجد الشخص نفسه غارقًا في مشاعر القلق أو الكآبة أو حتى العصبية دون وجود سبب واضح لذلك. وعلى النقيض تمامًا قد يشعر البعض الآخر بنشاط مفرط وسعادة غامرة وهي حالة قد تخدع المريض قبل أن تداهمه نوبة الصداع الشديدة. يصاحب ذلك أحيانًا صعوبة بالغة في التركيز وشعور بما يشبه الضباب الدماغي الذي يعيق إنجاز المهام البسيطة.
ومن العلامات الجسدية الغريبة التي تسبق النوبة ظهور رغبة ملحة لتناول أنواع معينة من الأطعمة كالشوكولاتة أو الموالح. ويترافق هذا الشعور عادة مع إرهاق جسدي شديد لا يتناسب مع المجهود المبذول إذ يشعر المريض بالإنهاك التام حتى بعد حصوله على ساعات نوم كافية. كما يلاحظ البعض تغيرات في نمط النوم مثل الأرق أو النوم لساعات أطول من المعتاد إضافة إلى زيادة الإحساس بالعطش والحاجة المتكررة للتبول.
يكمن التحدي الأكبر في أن معظم هذه الأعراض الأولية ليست خاصة بالصداع النصفي وحده فهي تتشابه إلى حد كبير مع علامات الإجهاد اليومي أو التعب العادي. هذا التشابه يجعل من الصعب على الشخص الربط بين شعوره بالإرهاق أو رغبته في تناول طعام معين وبين نوبة الصداع الوشيكة خاصة في المراحل الأولى من معاناته مع المرض.
إلا أن الوعي بهذه العلامات التحذيرية يمنح المريض فرصة للتعامل مع النوبة قبل تفاقمها. وينصح الخبراء بضرورة تدوين هذه الأعراض في سجل خاص للمساعدة في تحديد النمط المتكرر الذي يسبق كل نوبة. وعند التعرف على هذه المؤشرات يصبح من الممكن اتخاذ خطوات استباقية مثل الحصول على قسط من الراحة وتجنب المثيرات المعروفة كالأضواء الساطعة أو الضوضاء والأطعمة التي قد تحفز الصداع. كما أن استشارة الطبيب المختص تبقى خطوة أساسية لوضع خطة علاجية مناسبة قد تشمل أدوية وقائية أو مسكنات يتم تناولها عند ظهور أولى العلامات للحد من شدة الألم ومدته.
