
يشكل اضطراب النشاط الكهربائي في الدماغ حالة طبية شائعة تعرف بزيادة كهرباء المخ وتصيب الأطفال بشكل خاص وقد تستمر معهم لمراحل عمرية متقدمة. وتنشأ هذه الحالة نتيجة نشاط كهربائي غير طبيعي في الخلايا الدماغية مما يؤدي إلى ظهور نوبات وأعراض متنوعة ويعد التشخيص المبكر ضروريا للحد من أي مضاعفات محتملة.
وتتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب فمنها ما هو مرتبط بالوراثة حيث تنتقل بعض أنواع الصرع بين أفراد العائلة ومنها ما هو مكتسب نتيجة إصابات الرأس الناجمة عن الحوادث أو السكتات الدماغية والنزيف. كما تلعب التهابات الجهاز العصبي دورا في ذلك مثل التهاب السحايا والدماغ بالإضافة إلى وجود أورام أو تشوهات خلقية في المخ. وفي بعض الأحيان لا يمكن تحديد سبب واضح للحالة وهو ما يعرف بالصرع مجهول السبب.
وتختلف أعراض زيادة كهرباء المخ بناء على المنطقة المتأثرة في الدماغ وشدة النوبات. ومن أبرز هذه الأعراض حدوث تشنجات عضلية لا إرادية قد تشمل الجسم كله أو طرفا واحدا وفقدان الوعي أو تشوش الإدراك. وقد تظهر حركات غير طبيعية في العين أو انحراف للرأس ويشعر المصاب أحيانا بتنميل أو وخز في الوجه أو اليدين. كذلك يمكن أن تحدث تغيرات سلوكية مفاجئة كالقلق أو الخوف الذي يسبق النوبة وقد يعاني المريض من تيبس مفاجئ في العضلات أو ارتخائها وصعوبة مؤقتة في الكلام أو فقدان للتركيز.
وإذا لم يتم التعامل مع هذه الحالة بشكل صحيح فقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة. فالنوبات قد تسبب إصابات جسدية مثل الجروح والكسور. وعلى المدى الطويل قد يعاني المريض من مشكلات في الذاكرة والتركيز وصعوبات في التعلم خاصة لدى الأطفال مما يؤثر على أدائهم الدراسي والعملي. كما أن الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق تعد من المضاعفات الشائعة. وفي حالات نادرة قد تتطور الحالة إلى نوبات متكررة وطويلة تهدد حياة المريض.
ويعتمد العلاج بشكل أساسي على التشخيص الدقيق للحالة وسببها وتعد الأدوية المضادة للصرع الخيار الأول للتحكم في النشاط الكهربائي غير المنتظم حيث يجب تناولها بانتظام تحت إشراف طبي. وفي الحالات المستعصية التي لا تستجيب للأدوية قد تكون الجراحة حلا إذا كان مصدر النشاط الكهربائي محصورا في منطقة معينة من الدماغ. وتشمل الخيارات العلاجية الأخرى التحفيز العصبي مثل تحفيز العصب الحائر واتباع أنظمة غذائية معينة مثل الحمية الكيتونية لبعض الأطفال بالإضافة إلى علاج أي أسباب ثانوية كالأورام أو الاضطرابات الأيضية.
ولتقليل احتمالية حدوث النوبات ينصح باتباع بعض الإجراءات الوقائية. ويأتي في مقدمتها الالتزام التام بتعليمات الطبيب وتناول الأدوية الموصوفة دون توقف مفاجئ. ومن المهم أيضا تجنب الإرهاق والسهر والحصول على قسط كاف ومنتظم من النوم. ويجب على المرضى الابتعاد عن المحفزات المعروفة لديهم مثل الأضواء الساطعة المتقطعة أو الضوضاء الشديدة. كما أن التحكم في الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وممارسة الرياضة مع اتخاذ احتياطات السلامة لتقليل إصابات الرأس يسهم في تحسين جودة حياة المريض.