
في تحول لافت للنظر في المفاهيم الصحية السائدة كشفت دراسة دنماركية واسعة النطاق أن النحافة الشديدة قد تنطوي على مخاطر تهدد الحياة بشكل يفوق مخاطر الوزن الزائد مما يلقي بظلال من الشك على دقة مؤشر كتلة الجسم كمعيار وحيد لتقييم الصحة العامة.
أظهرت نتائج الدراسة التي شملت أكثر من 85 ألف شخص بالغ أن الأفراد الذين يقل مؤشر كتلة أجسامهم عن 18.5 كانوا أكثر عرضة للوفاة المبكرة بمعدل يصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بأولئك الذين يقع مؤشرهم ضمن النطاق الصحي المتعارف عليه بين 22.5 و24.9.
وعلى النقيض من ذلك لم تسجل الدراسة زيادة ملحوظة في معدلات الوفاة بين المشاركين المصنفين ضمن فئة الوزن الزائد أو حتى السمنة من الدرجة الأولى حيث يقع مؤشر كتلة الجسم لديهم بين 25 و35 مما يشير إلى أن الخطر الأكبر يتركز بشكل واضح في فئة من يعانون من نقص الوزن.
ويؤكد الباحثون أن مؤشر كتلة الجسم يظل مجرد أداة تبسيطية تعتمد على معادلة تربط الوزن بالطول لكنها تتجاهل عوامل حيوية تؤثر بشكل مباشر على الصحة مثل توزيع الدهون في الجسم والكتلة العضلية ونوعية النظام الغذائي المتبع وأسلوب الحياة اليومي بالإضافة إلى الفروقات العرقية والثقافية بين السكان.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن انخفاض الوزن الحاد قد لا يكون السبب المباشر للمخاطر الصحية بل قد يكون مؤشرا أو عرضا لأمراض كامنة لم يتم تشخيصها بعد مثل بعض أنواع السرطان أو مرض السكري من النوع الأول حيث يمكن للمرض أن يتسبب في فقدان الوزن قبل اكتشافه.
كما أوضح القائمون على الدراسة أن وجود نسبة معينة من الدهون في الجسم يمكن أن يشكل عاملا وقائيا في بعض الظروف الصحية الصعبة فعلى سبيل المثال خلال فترات العلاج الكيميائي يعاني المرضى من فقدان الشهية وتغير في حاسة التذوق ويساعد وجود مخزون من الدهون في الجسم على تحمل هذه المرحلة العلاجية القاسية.
وبناء على هذه المعطيات اقترح الباحثون أن التقدم الطبي الكبير في علاج الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل أمراض القلب والسكري قد ساهم في تغيير النطاق الصحي الآمن لمؤشر كتلة الجسم ليصبح في السياق الدنماركي على الأقل يتراوح بين 22.5 و30 وهو نطاق أوسع مما كان يعتقد سابقا.