
شهدت أسواق الذهب العالمية أسبوعا حافلا بالتحركات المهمة حيث تمكن المعدن الأصفر من تحقيق مكاسب أسبوعية ملحوظة بنسبة تقترب من 1.2 بالمئة وجاء هذا الصعود مدفوعا بتراجع قيمة الدولار الأمريكي إلى جانب إشارات البنك المركزي الأمريكي باستمراره في سياسته النقدية المرنة فضلا عن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي تعزز الإقبال على الملاذات الآمنة.
دخل الذهب مرحلة جديدة من الترقب بعد أسبوع هيمنت عليه قرارات البنوك المركزية بخصوص أسعار الفائدة مما أدى إلى تذبذب أسواق المعادن الثمينة ورغم ذلك نجح في تحقيق مكاسب قوية حيث تراجعت حالة التفاؤل التي سادت الأسواق بشأن تخفيضات حادة في الفائدة ليحل محلها تركيز أكبر على البيانات الاقتصادية المقبلة لتحديد مسار السياسات النقدية.
وعلى الصعيد العالمي ارتفعت الأوقية بمقدار 42 دولارا خلال تعاملات الأسبوع الماضي لتغلق عند مستوى 3685 دولارا بعد أن سجلت أعلى مستوى لها عند 3707 دولارات في السابع عشر من سبتمبر وجاءت قفزة يوم الجمعة وحدها لتمثل زيادة بنحو 38 دولارا حيث افتتحت الأوقية التعاملات عند 3647 دولارا.
وفي السوق المحلية انعكست العطلة الأسبوعية للبورصات العالمية على أسعار الذهب التي سجلت حالة من الاستقرار خلال تعاملات اليوم السبت حيث استقر سعر جرام الذهب عيار 21 عند مستوى 4960 جنيها وبلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 5669 جنيها بينما سجل عيار 18 سعر 4251 جنيها أما عيار 14 فقد وصل إلى 3307 جنيهات واستقر سعر الجنيه الذهب عند 39680 جنيها.
وكانت أسعار الذهب قد شهدت ارتفاعا يوم الجمعة الماضي بقيمة 50 جنيها إذ بدأ جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 4910 جنيهات وأنهى اليوم عند مستوى 4960 جنيها مواكبا بذلك الصعود العالمي.
ويقيم المستثمرون حاليا قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس حيث اتجه المعدن النفيس يوم الجمعة نحو تسجيل خامس مكاسبه الأسبوعية على التوالي وقد قفزت الأسعار فور إعلان القرار إلى مستوى تاريخي غير مسبوق عند 3707 دولارات للأوقية قبل أن تتراجع قليلا بعد تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول التي اتسمت بالحذر بشأن وتيرة التيسير النقدي المستقبلية.
وصف باول خفض الفائدة بأنه إجراء استباقي لإدارة المخاطر استجابة لضعف سوق العمل مؤكدا أن قرارات المجلس المستقبلية ستعتمد بشكل كامل على البيانات الاقتصادية الواردة في كل اجتماع على حدة.
ويرى محللون أن السوق الصاعدة للذهب لا تزال في مراحلها الأولى على الرغم من ارتفاع الأسعار بنسبة تقترب من 40 بالمئة منذ بداية العام وهو ما يعتبره البعض ارتفاعا مبالغا فيه وتذهب بعض التقديرات إلى أن حالة عدم اليقين العالمي ستدعم استمرار الطلب الاستثماري على المعدن مع إمكانية وصول سعر الأوقية إلى 4000 دولار بحلول نهاية 2025 أو بداية 2026.
وتعكس تصريحات مسؤولي البنك المركزي الأمريكي وجود تباين في وجهات النظر فقد برر نيل كاشكاري رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس الخفض الأخير بمخاطر سوق العمل مشيرا إلى احتمالية إجراء تخفيضات إضافية في الاجتماعين القادمين لكنه حذر من أنه إذا ارتفع التضخم مجددا فقد يضطر البنك إلى رفع الفائدة مرة أخرى.
في المقابل أظهر ستيفن ميران الذي عينه الرئيس ترامب حديثا موقفا أكثر ميلا للتيسير النقدي حيث صوت لصالح خفض بمقدار 50 نقطة أساس معتبرا أن الاقتصاد بحاجة لمعدل فائدة أقرب للمستوى المحايد.
ويتوقع المحللون أن تواصل البنوك المركزية حول العالم زيادة مشترياتها من الذهب في ظل تراجع الثقة بالدولار الأمريكي وارتفاع الدين الوطني للولايات المتحدة حيث تسعى هذه المؤسسات إلى تنويع استثماراتها بعيدا عن العملة الأمريكية باعتبار الذهب البديل الحقيقي الأكثر أمانا.
كشفت بيانات التجارة العالمية عن تحولات لافتة إذ أظهرت بيانات الجمارك الأمريكية انخفاض صادرات الذهب السويسري إلى الولايات المتحدة بنسبة 99 بالمئة في أغسطس بعد فرض رسوم جمركية عليها قبل أن يتم التراجع عن القرار وفي المقابل قفزت الصادرات السويسرية إلى الصين بأكثر من ثلاثة أضعاف لتسجل 35 طنا وهو أعلى مستوى منذ مايو 2024 كما ارتفعت الصادرات إلى الهند.
تترقب الأسواق خلال الأسبوع المقبل صدور بيانات اقتصادية بالغة الأهمية ستكون لها الكلمة الفصل في تحديد مسار السياسة النقدية وتشمل هذه البيانات مؤشرات مديري المشتريات العالمية وبيانات السلع المعمرة وطلبات إعانة البطالة والناتج المحلي الإجمالي بالإضافة إلى مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي المقياس المفضل لدى الفيدرالي لمراقبة التضخم.