
شهدت أسعار الذهب تراجعاً لليوم الثاني على التوالي في الأسواق العالمية، بعد أن تصاعدت قوة الدولار الأمريكي إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تأجيل قرار فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات من الاتحاد الأوروبي. خطوة الرئيس الأمريكي خففت من مخاوف تفاقم التوترات التجارية ما دفع المستثمرين نحو الأصول عالية المخاطرة، بالتزامن مع ترقب الأسواق لتصريحات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي وصدور بيانات اقتصادية مهمة هذا الأسبوع.
وجاء في تحليل جولد بيليون أن سعر أونصة الذهب العالمي انخفض اليوم بنحو 1.1 في المئة، ليسجل أدنى مستوياته عند 3292 دولاراً للأونصة بعدما بدأ تداول اليوم عند 3346 دولاراً للأونصة، ويتم التداول حالياً قرب مستوى 3307 دولارات للأونصة. التراجع الحالي للذهب يُنظر إليه كتعديل لمستوى الأسعار عقب الصعود الكبير الذي شهده الأسبوع الماضي، إذ ينتظر المستثمرون المحفزات القادمة لاتخاذ قراراتهم في ظل عودة ترامب عن تهديده بفرض رسوم نسبتها 50 في المئة على الواردات الأوروبية، مع تحديد موعد نهائي جديد في التاسع من يوليو لإجراء مفاوضات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة.
ورغم الخسائر المسجلة هذا الأسبوع، لا تزال أسعار الذهب تلقى دعماً من القلق حيال التداعيات طويلة الأجل للرسوم الجمركية الأمريكية. تعافي الدولار من أدنى مستوى سجله خلال الشهر لا يلغي استمرار الحذر في الأسواق، خاصة عقب موافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون خفض الضرائب الذي يتوقع أن يضيف نحو 3.8 تريليون دولار إلى الديون الحكومية، والتي تبلغ حالياً 36.2 تريليون دولار بحسب مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي.
الأسواق المالية ما زالت في حالة قلق جراء اتساع العجز بالموازنة الأمريكية، مما يدعم الاتجاه الصاعد للذهب ويسهم كذلك في إضعاف الدولار. يأتي هذا بعد أن خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني للديون السيادية الأمريكية، فاندفعت موجة بيع بسندات الخزانة وارتفعت عوائدها، ثم ما لبثت عوائد السندات أن تراجعت من ذروتها الأخيرة وتوازن الدولار نسبياً ليؤثر ذلك سلباً على أسعار الذهب.
على جانب آخر، حذر نيل كاشكاري رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس من احتمال تسبب الرسوم الجمركية في صدمة ركود تضخمي للاقتصاد الأمريكي، متوقعاً فترة تباطؤ بالنمو وارتفاع بمعدلات التضخم. لكنه رجح أن أسعار الفائدة لن تشهد خفضاً قريباً من جانب الفيدرالي الأمريكي، الأمر الذي نشّط بعض الطلب على سندات الخزانة الأمريكية المضطربة أخيراً.
محور الاهتمام الأساسي للمستثمرين هذا الأسبوع يتجه نحو كلمات مسؤولي السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي وقراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة المقرر صدوره يوم الجمعة، حيث يبحث المتابعون عن أي إشارات حول مستقبل أسعار الفائدة. توقعات عقود صناديق الاحتياطي الفيدرالي تشير إلى احتمال استئناف السياسة النقدية التيسيرية عبر خفض أسعار الفائدة بدءاً من سبتمبر المقبل.
محليا تأثرت أسعار الذهب في مصر بالتطورات العالمية، حيث سجل الذهب تراجعاً ملحوظاً خلال تعاملات اليوم متأثراً بانخفاض السعر العالمي، إلى جانب استمرار الضغط الناتج عن تراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك الرسمية، مما ينعكس على تسعير الذهب في السوق المحلي. وافتتح الذهب عيار 21 الأكثر رواجاً تداولاته عند 4620 جنيهاً للجرام ليدور حالياً حول 4632 جنيهاً، بعد أن كان قد أغلق تداول أمس عند 4670 جنيهاً مقارنة بسعر افتتاح بلغ 4680 جنيهاً.
تقرير جولد بيليون أوضح أن انخفاض سعر الذهب في مصر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنزول الأسعار العالمية وتراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، حيث ساهم الاستقرار المالي والنقدي الأخير في البلاد في الحفاظ على تحركات سعر الصرف ضمن مستويات مستقرة عقب موافقة صندوق النقد الدولي على مراجعة صرف شريحة جديدة من التمويل المخصص لمصر. انخفاض الجنيه مقابل الدولار قيَّد من مكاسب الذهب المحلي وقت صعود الأونصة عالمياً، وزاد من وتيرة الهبوط بمجرد اتجاه الأسعار العالمية للانخفاض.
في ما يخص تحركات الأسعار الفنية، فقد واجه الذهب عالمياً مساراً هابطاً قصير الأمد في نطاق 3370 إلى 3350 دولاراً للأونصة، مما دفع الأسعار للهبوط وكسر مستوى 3300 دولار للأونصة، إلا أن مؤشرات الزخم بدأت تدخل منطقة محايدة قد تحد من استمرار الهبوط. أما في السوق المحلي، فقد تراجع سعر الذهب عيار 21 بعد أن أخفق في مواصلة الصعود وتجاوز مستوى 4700 جنيه للجرام، ليعاود الانخفاض باتجاه 4600 جنيه مع تزايد الضغط البيعي.
ومع استمرار التشاؤم حيال مسار السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة، تزداد الضغوط على الذهب عالمياً ومحلياً فيما يترقب المستثمرون التطورات الجديدة والمؤشرات التي قد توجه حركة السعر في الفترة المقبلة.