
تشكل مرحلة انقطاع الطمث تحولًا طبيعيًا وجوهريًا في حياة كل امرأة حيث تتوقف المبايض عن إنتاج البويضات وتنخفض الهرمونات الأنثوية. ورغم أنها تخلص المرأة من أعباء الدورة الشهرية إلا أن التغيرات الهرمونية والجسدية المصاحبة لها قد تثير مشاعر القلق والتوتر مما يستدعي اتباع استراتيجيات محددة للحفاظ على الصحة النفسية.
يلعب النشاط البدني المنتظم دورًا محوريًا في التخفيف من حدة التوتر حيث تساهم ممارسة التمارين لمدة نصف ساعة في معظم أيام الأسبوع في إفراز هرمونات السعادة كالسيروتونين والإندورفين. تساعد الرياضة أيضًا على تحسين جودة النوم الذي يتأثر غالبًا بالهبات الساخنة والتغيرات الهرمونية كما أنها تحافظ على وزن صحي مما يعزز الثقة بالنفس ويقلل الضغط النفسي. وتعتبر الأنشطة البسيطة مثل المشي السريع أو اليوغا خيارات ممتازة لهذه المرحلة.
يأتي النظام الغذائي كعامل أساسي آخر في استقرار الحالة المزاجية. ينصح الخبراء بالتركيز على الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د لدعم صحة العظام التي تزداد هشاشتها مع انخفاض هرمون الإستروجين. كما أن تناول البروتين من مصادر كالأسماك والدجاج والبقوليات يعزز الطاقة ويحافظ على الكتلة العضلية بينما تساهم الفواكه والخضروات بمضادات الأكسدة التي تحارب الالتهابات. ومن الضروري تقليل استهلاك الكافيين والمشروبات الغازية لتجنب زيادة التوتر والأرق مع شرب كميات وافرة من الماء لترطيب الجسم.
لتحسين جودة النوم الذي يؤثر نقصه مباشرة على مستويات القلق يجب الالتزام بمواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ وخلق بيئة هادئة ومظلمة وباردة في غرفة النوم. ويفضل تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة من الخلود إلى الفراش واستبدال المشروبات المنبهة بأخرى مهدئة مثل البابونج أو الينسون.
تعد تقنيات الاسترخاء وإدارة الضغوط أدوات فعالة للسيطرة على المشاعر السلبية. يساعد التنفس العميق والبطيء على تهدئة الجهاز العصبي بينما تساهم ممارسة التأمل واليوغا في تحقيق السكينة الذهنية. يمكن أيضًا اللجوء إلى الكتابة اليومية لتفريغ الأفكار والمشاعر أو استخدام العلاج بالعطور الطبيعية مثل زيت اللافندر الذي يشتهر بخصائصه المهدئة.
لا يجب على المرأة أن تواجه هذه المرحلة بمفردها فالتواصل الاجتماعي وطلب الدعم من الزوج والأصدقاء أو الانضمام لمجموعات نسائية يوفر مساحة آمنة لمشاركة الخبرات ويقلل من الشعور بالعزلة. إن وجود شبكة دعم قوية يعزز الإحساس بالأمان ويخفف من وطأة القلق.
يعد فهم طبيعة المرحلة وتقبلها كفصل جديد في الحياة وليس كنهاية للشباب الخطوة الأولى نحو التكيف الإيجابي. إن الخوف من الشيخوخة أو فقدان الجاذبية يمثل مصدر قلق كبير لدى بعض النساء لكن النظر إلى هذه الفترة باعتبارها مرحلة من النضج والحرية يساعد على تغيير المنظور والتركيز على الجوانب الإيجابية.
إن الانخراط في هوايات ممتعة وأنشطة مفضلة مثل الرسم أو القراءة أو العمل التطوعي يمنح شعورًا بالإنجاز والسعادة ويشغل الذهن عن التفكير في مسببات التوتر. كما أن تجربة أنشطة جديدة تضيف حيوية لهذه المرحلة من العمر وتعزز الثقة بالذات.
في الحالات التي تكون فيها الأعراض النفسية شديدة وتؤثر على الحياة اليومية تصبح المتابعة الطبية ضرورية. يمكن استشارة طبيب متخصص لاقتراح حلول مناسبة قد تشمل العلاج الهرموني التعويضي أو بعض المكملات الغذائية أو الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق إذا استدعت الحالة ذلك.
يساهم الاهتمام بالمظهر الشخصي والعناية بالصحة العامة في رفع الروح المعنوية بشكل كبير. فالعناية بالبشرة والشعر وارتداء ملابس أنيقة ومريحة والحفاظ على اللياقة البدنية كلها عوامل تعزز ثقة المرأة بنفسها وتقلل من شعورها بالتوتر.
يمكن للجانب الروحي أن يوفر سلامًا داخليًا عميقًا فالتقرب إلى الله عبر الصلاة والدعاء أو ممارسة التأمل الروحي يساعد المرأة على استيعاب التغيرات الجسدية والنفسية والتعامل معها كجزء طبيعي من دورة الحياة.