
أصبحت الهواتف الذكية جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية لدرجة أنها باتت ترافقنا حتى في غرف النوم مما أثار قلق خبراء الصحة بشأن تأثيرها الخفي على جودة النوم وطبيعة الأحلام. فهذا الجهاز الصامت قد يكون هو المسؤول عن تلك المشاهد الغريبة والمتقطعة التي تتسلل إلى منامك وتعبث بصفو وعيك الليلي دون أن تدرك مصدرها المباشر.
تتجاوز القضية مجرد الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات والذي يعيق إفراز هرمون النوم. إذ تشير تحليلات نفسية إلى أن العلاقة التي تربط المستخدم بهاتفه قد وصلت إلى مستوى يشبه الارتباط النفسي العميق مما يجعل الجهاز امتدادا للذات يظهر حضوره في عالم الأحلام تماما كما يسيطر على عالم اليقظة. فالتفاعل المكثف مع المحتوى الرقمي قبل الخلود إلى النوم مباشرة يلقي بعبء ثقيل على الذاكرة قصيرة المدى وهذا العبء يطفو لاحقا أثناء الليل على هيئة أحلام غير مترابطة أو صور ذهنية مشتتة.
ورغم أن الأدلة العلمية لم تحسم الجدل بشكل قاطع حول تأثير الترددات الراديوية الصادرة من الهواتف على الأحلام إلا أن دراسات متعددة لمحت إلى وجود علاقة محتملة. فالقرب الشديد للهاتف من الرأس أثناء النوم قد يؤثر على النشاط العصبي للدماغ في مراحله المختلفة وقد تسبب هذه الترددات تسخينا طفيفا في الأنسجة الدماغية قد يكون كافيا لإحداث اضطراب في راحة العقل.
في هذا السياق تؤكد استشارية في علم النفس الرقمي وعضو بالهيئة الاستشارية لتكنولوجيا المعلومات أن استخدام الهاتف المحمول قبيل النوم مباشرة وعند الاستيقاظ يخل بانتظام دورة النوم الطبيعية ويمنع الدماغ من الوصول إلى مراحل النوم العميق الضرورية لراحة الجسد والعقل. ويوضح الخبراء أن العقل البشري يحتاج إلى فترة انتقالية هادئة لا تقل عن ساعة كاملة تكون خالية من المؤثرات الرقمية قبل النوم وذلك لضمان تحقيق التوازن الذهني والعصبي المطلوب.
وبحسب ما ذكرته مصادر طبية فإن المحتوى الذي يتعرض له الشخص قبل النوم يتم تخزينه في العقل الباطن ليظهر لاحقا في الأحلام. هذا الظهور لا يكون بالضرورة على شكل أحلام مكتملة السرد بل قد يأتي كصور ذهنية متفرقة أو ما يشبه حديث النفس الذي يمثل محاولة العقل لتفريغ المؤثرات والمعلومات التي تلقاها.
لهذا السبب يوجه أطباء متخصصون في علم الأعصاب نصائح واضحة بضرورة تحويل غرفة النوم إلى منطقة خالية من الأجهزة الذكية. ويوصون بإبعاد الهاتف عن مكان النوم لمسافة لا تقل عن مترين مع تجنب استخدامه لمدة ساعة على الأقل قبل النوم. ومن بين الإجراءات المقترحة أيضا استخدام الوضع الليلي أو وضع الطيران ووضع شاشة الهاتف نحو الأسفل للتقليل من أي إشعاع ضوئي أو كهرومغناطيسي قد يؤثر على جودة النوم ويحول هذا الرفيق التكنولوجي إلى عامل اضطراب صامت.