خلافاً للمعتقدات الشائعة والمخاوف التي سادت طويلاً لدى الآباء والأمهات كشفت دراسة علمية حديثة نتائج مفاجئة حول تأثير استهلاك الكافيين على أدمغة الأطفال والمراهقين حيث توصل الباحثون إلى أن تناول كميات معتدلة من هذه المادة لا يرتبط بأي ضرر ملموس على التطور المعرفي أو بنية الدماغ خلال مراحل النمو الحرجة.
أوضحت نتائج البحث الذي استمر لسنوات أن الوظائف التنفيذية للدماغ مثل الذاكرة والقدرة على التركيز وحل المشكلات لم تتأثر سلباً لدى المشاركين الذين استهلكوا الكافيين باعتدال وذلك بعد مقارنتهم بأقرانهم الذين لم يستهلكوه على الإطلاق وهو ما يدحض الفكرة القديمة القائلة بأن الكافيين يعيق النمو العقلي الطبيعي في هذه الفئة العمرية الحساسة.
كان الاعتقاد السائد لسنوات طويلة يربط بين استهلاك المشروبات المحتوية على الكافيين وبين مجموعة من الآثار السلبية على نمو الشباب بما في ذلك صعوبات التعلم وفرط النشاط وتراجع الأداء الأكاديمي وقد بنت هذه المخاوف تصوراً عاماً لدى الأهالي بضرورة منع أبنائهم تماماً عن مصادر الكافيين كالشاي والمشروبات الغازية والشوكولاتة خوفاً من عواقب طويلة الأمد على أدمغتهم.
اعتمدت الدراسة في استنتاجاتها على تحليل بيانات شاملة لمجموعة كبيرة من الأطفال والمراهقين تضمنت إجراء مسوحات متكررة للدماغ باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة بالإضافة إلى سلسلة من الاختبارات المعرفية والسلوكية الدورية وقد تتبع الباحثون خلالها كميات الكافيين التي يستهلكها المشاركون ومصادرها المختلفة لمراقبة أي تغييرات تطرأ على المادة الرمادية والبيضاء في الدماغ أو على الأداء الذهني.
مع ذلك يؤكد الخبراء أن هذه النتائج لا تمثل ضوءاً أخضر للاستهلاك المفرط للكافيين فالدراسة ركزت على التأثيرات بعيدة المدى على بنية الدماغ والوظائف المعرفية العليا لكنها لا تنفي الآثار السلبية الفورية المعروفة للجرعات العالية مثل اضطرابات النوم وزيادة الشعور بالقلق والتوتر وخفقان القلب وهي أعراض يجب أخذها في الاعتبار.
ويشدد العلماء على أهمية التمييز بين مادة الكافيين نفسها وبين المشروبات التي تحتوي عليها فغالباً ما تكون المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة غنية بكميات هائلة من السكريات والمواد المضافة الأخرى التي تشكل خطراً صحياً أكبر بكثير من الكافيين ذاته وبالتالي فإن الضرر قد يأتي من هذه المكونات وليس من المنبه بحد ذاته.
بناء على ذلك تظل النصيحة المقدمة للآباء هي ضرورة الإشراف على ما يستهلكه أطفالهم وتشجيعهم على اتباع عادات صحية متوازنة مع إعطاء الأولوية للحصول على قسط كاف من النوم الذي يعد العامل الأهم لنمو الدماغ السليم وتجنب المشروبات المصنعة عالية السكر بغض النظر عن محتواها من الكافيين.