
شهدت أسواق المعادن الثمينة أسبوعا حافلا بالتقلبات اختتمه الذهب على ارتفاع ملحوظ محققا مكاسب قوية بلغت نسبتها حوالي ثلاثة بالمئة. ويأتي هذا الأداء الإيجابي للمعدن الأصفر في ظل تصاعد حدة المخاوف في الأوساط الاقتصادية العالمية والبيانات الصادرة من الولايات المتحدة التي عززت من جاذبيته كملاذ آمن للمستثمرين الباحثين عن التحوط من تقلبات الأسواق.
جاء الدعم الأبرز لأسعار الذهب من عاملين رئيسيين أولهما يتعلق بالتوترات التجارية حيث أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن فرض حزمة جديدة من الرسوم الجمركية تشمل رسما بنسبة مئة بالمئة على واردات الأدوية قلقا واسع النطاق بشأن احتمالية تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. أما العامل الثاني فتمثل في بيانات التضخم الأمريكية حيث أظهر مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي وهو المقياس المفضل لدى البنك المركزي الأمريكي استقرارا عند معدل 2.9 بالمئة سنويا في أغسطس الماضي خلافا للتوقعات التي كانت تشير إلى ارتفاعه إلى 3 بالمئة وهو ما يفتح الباب أمام استمرار سياسة خفض أسعار الفائدة.
في المقابل أثرت هذه التطورات سلبا على العملة الأمريكية إذ انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه مقابل سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.41 بالمئة ليستقر عند مستوى 98.15 نقطة مدفوعا بتراجع قيمته أمام اليورو والجنيه الإسترليني وهو ما قدم دعما إضافيا للمعدن الأصفر الذي يصبح أرخص تكلفة لحائزي العملات الأخرى عند تراجع الدولار.
ورغم الزخم الإيجابي القوي لم يخل الأسبوع من بعض الضغوط التي كبحت جماح ارتفاع الذهب حيث أظهرت بيانات اقتصادية أخرى قوة أكبر اقتصاد في العالم فقد نما الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الثاني بوتيرة فاقت التوقعات كما تحسنت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية بالإضافة إلى تصريحات حذرة أطلقها مسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي حول مخاطر استمرار التضخم وضعف سوق العمل ما أثار بعض الشكوك حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
وعلى صعيد أرقام التداول النهائية للأسبوع الماضي أغلقت عقود الذهب الآجلة تعاملاتها عند مستوى 3,792.87 دولار للأوقية مسجلة زيادة بنسبة 0.58 بالمئة في جلسة الجمعة وحدها في حين صعد سعر الذهب في المعاملات الفورية إلى 3,763.29 دولار للأوقية مرتفعا بنسبة 0.37 بالمئة لينهي بذلك أسبوعا من المكاسب القوية.
ويرى محللون أن أداء الذهب القوي هذا الأسبوع يضاف إلى سلسلة من المكاسب الكبيرة التي حققها منذ بداية عام 2025 والتي تقترب من 43 بالمئة مدعوما بعدة عوامل طويلة الأجل أبرزها ضعف الدولار الأمريكي والإقبال الكبير من البنوك المركزية حول العالم على زيادة احتياطياتها من المعدن النفيس فضلا عن التدفقات القوية إلى صناديق المؤشرات المتداولة والتوترات الجيوسياسية المستمرة.
وتعكس بيانات حيازات صناديق الذهب المتداولة هذا الإقبال المتزايد حيث ارتفعت بأكثر من 12.8 مليون أوقية خلال العام الحالي ليصل إجمالي حيازاتها إلى 96.2 مليون أوقية وهو أعلى مستوى تسجله هذه الصناديق منذ أكتوبر من عام 2022.
وفيما يخص المعادن النفيسة الأخرى شهدت هي الأخرى أداء إيجابيا حيث ارتفع سعر البلاتين الفوري بنسبة 1.3 بالمئة ليصل إلى 1,549.95 دولار للأوقية كما زادت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.5 بالمئة إلى 45.36 دولار للأوقية. وعلى النقيض تراجعت أسعار المعادن الصناعية فهبطت عقود النحاس القياسية في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.5 بالمئة لتسجل 10,207.70 دولار للطن بينما انخفضت عقود النحاس في بورصة كومكس بنسبة 0.3 بالمئة إلى 4.7438 دولار للرطل.