
تشكل دهون البطن تحديا صحيا وجماليا واسع الانتشار لا يقتصر على فئة معينة بل يصيب الرجال والنساء على حد سواء وتتجاوز خطورتها مجرد التأثير على المظهر الخارجي إذ إنها ترتبط بمخاطر صحية جسيمة نتيجة لتراكم الدهون الحشوية العميقة حول الأعضاء الحيوية بالجسم.
إن الدهون المتمركزة في منطقة البطن ليست مجرد دهون سطحية بل هي دهون حشوية خطيرة تلتف حول الأعضاء الداخلية مما يرفع من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين نتيجة لزيادة الكوليسترول الضار وارتفاع ضغط الدم. كما تزيد هذه الدهون من مقاومة الجسم للأنسولين ممهدة الطريق للإصابة بالسكري من النوع الثاني فضلا عن دورها في تطور مرض الكبد الدهني غير الكحولي ومشاكل التنفس مثل انقطاع النفس النومي بسبب ضغطها على الحجاب الحاجز. وترتبط الالتهابات المزمنة التي تسببها الدهون الحشوية بزيادة فرص الإصابة بأنواع معينة من السرطان مثل سرطان القولون والثدي ولا يمكن إغفال تأثيرها السلبي على الحالة النفسية والثقة بالنفس.
تتعدد العوامل التي تقف خلف تراكم الدهون في منطقة البطن ويأتي على رأسها النظام الغذائي السيئ المعتمد على الوجبات السريعة والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات البسيطة والكربوهيدرات المكررة كالأرز الأبيض والمعجنات. ويساهم نمط الحياة الخامل الذي يتسم بالجلوس لفترات طويلة في إبطاء عملية الأيض وتسهيل تخزين الدهون. كما تلعب التغيرات الهرمونية دورا محوريا خاصة لدى النساء أثناء الحمل أو بعد انقطاع الطمث ولدى الرجال مع انخفاض هرمون التستوستيرون مع تقدم العمر. يضاف إلى ذلك التوتر النفسي الذي يرفع مستوى هرمون الكورتيزول المحفز لتخزين الدهون في البطن وقلة النوم التي تسبب اضطرابات هرمونية تزيد الشهية للطعام غير الصحي ولا يمكن تجاهل الاستعداد الجيني لدى بعض الأفراد.
يتطلب التخلص من دهون البطن اتباع نهج شامل يبدأ بتعديل العادات الغذائية بالتركيز على الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبروتينات قليلة الدهون مع تقليل السكريات والدهون المشبعة والإكثار من شرب الماء. وتعد ممارسة الرياضة بانتظام حجر الزاوية في هذه الرحلة وتشمل التمارين الهوائية مثل المشي السريع والجري وركوب الدراجات لحرق السعرات الحرارية وتمارين القوة لبناء الكتلة العضلية التي تعزز عملية الحرق بالإضافة إلى تمارين البطن لتقوية العضلات. ومن الضروري أيضا إدارة التوتر عبر تقنيات الاسترخاء كاليوجا والتأمل والحصول على قسط كاف من النوم يتراوح بين سبع وثماني ساعات ليليا للحفاظ على توازن الهرمونات بالإضافة إلى الامتناع عن التدخين وتقليل استهلاك المشروبات الكحولية والغازية.
للوقاية من تكون دهون البطن مستقبلا ينصح بتبني أسلوب حياة صحي منذ سن مبكرة والالتزام بنشاط بدني يومي حتى لو كان بسيطا كالمشي السريع. ومن الاستراتيجيات الفعالة تقسيم الوجبات اليومية إلى وجبات صغيرة متعددة بدلا من وجبات كبيرة ودسمة لمساعدة الجسم على تنظيم عملية الهضم والحرق. كما أن المراقبة الدورية للوزن تساعد في تدارك أي زيادة مفاجئة قبل تفاقمها ويعتبر إدراج الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية في النظام اليومي وسيلة ممتازة لزيادة الإحساس بالشبع وتقليل استهلاك السعرات الحرارية الزائدة.