
شهدت أسواق الصاغة في مصر موجة صعود غير مسبوقة حيث وصل سعر الذهب لعيار 18 إلى مستويات قياسية جديدة لم يسبق لها مثيل مسجلا 4489 جنيها خلال التعاملات الفورية يأتي هذا الارتفاع المحلي انعكاسا للقفزات الهائلة في الأسعار العالمية التي اقتربت من 3900 دولار للأونصة عند الإغلاق الأمريكي مدفوعة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة.
هذه القفزة السعرية شملت كافة الأعيرة المتداولة في السوق المصري إذ بلغ سعر جرام الذهب من عيار 24 وهو الأعلى نقاء 5985 جنيها فيما سجل عيار 21 الأكثر انتشارا ومبيعا في مصر 5237 جنيها ووصل سعر الجنيه الذهب الذي يزن ثمانية جرامات إلى 41896 جنيها.
ويأتي هذا الارتفاع الكبير في أسعار المعدن الأصفر بالتزامن مع دخول الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة حيز التنفيذ رسميا بعد أن فشلت الجهود في تمرير مشروع قانون للإنفاق بسبب الانقسامات الحزبية العميقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي هذا الوضع أدى إلى توقف معظم العمليات الحكومية الفيدرالية مما يثير مخاوف من أزمة طويلة قد تتسبب في خسارة آلاف الوظائف.
من أبرز تداعيات هذا الإغلاق الحكومي هو التأثير على صدور البيانات الاقتصادية الهامة حيث كان من المقرر إعلان بيانات وظائف القطاعات غير الزراعية لشهر سبتمبر يوم الجمعة ولكن من المرجح الآن أن يتأخر صدورها هذه البيانات تعد مؤشرا دقيقا لصحة سوق العمل الذي كان تباطؤه سببا رئيسيا في توجه البنك الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة.
تعززت توقعات المتداولين بخفض جديد لأسعار الفائدة بعد صدور تقرير فرص العمل JOLTS الذي أظهر نموا طفيفا في الوظائف المتاحة خلال أغسطس مقابل انخفاض في التوظيف الفعلي وبناء على ذلك يتوقع المتعاملون الآن أن يقوم البنك الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الشهر الجاري مع احتمالية خفض آخر في ديسمبر.
يُنظر إلى الذهب تاريخياً باعتباره الملاذ الآمن التقليدي والتحوط ضد حالات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي وهو يشهد انتعاشا كبيرا في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة لأن ذلك يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن النفيس الذي لا يدر عائدا وقد حقق الذهب مكاسب ملحوظة تجاوزت 47% منذ بداية العام.
وعلى الرغم من هذه التوقعات المتفائلة بخفض الفائدة يسود الحذر في الأسواق بشأن المدى الذي يمكن أن يصل إليه البنك الفيدرالي في تخفيضاته وذلك في أعقاب سلسلة من التصريحات المتشددة من قبل مسؤولين في البنك فقد أكدت لوري لوغان رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في دالاس على ضرورة توخي الحذر الشديد مشيرة إلى أن سوق العمل سيحتاج إلى مزيد من التدهور قبل أن يفكر البنك المركزي في المزيد من التخفيضات.
في المجمل يظل الاتجاه الصاعد هو المسيطر على تحركات الذهب على المديين القصير والمتوسط مدعوما بالتوترات الجيوسياسية المستمرة والمخاوف المتعلقة بالإغلاق الحكومي الأمريكي بالإضافة إلى السياسة النقدية الحالية للبنك الفيدرالي وتوجهه العام نحو تيسير السياسة النقدية لدعم الاقتصاد.