
وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية نظير قيادتها المبادرة العالمية الهادفة إلى بناء القدرات الدولية في مجال الفضاء السيبراني. وأشاد غوتيريش خلال كلمته التي وجهها للمشاركين في المنتدى الدولي للأمن السيبراني المنعقد في الرياض بالموضوعات الحيوية التي يناقشها المنتدى وعلى رأسها تمكين المرأة وحماية الأطفال في العالم الرقمي.
أوضح غوتيريش في رسالته المرئية أن الترابط العالمي المتزايد جعل الفضاء السيبراني عنصرا أساسيا لتحفيز الابتكار وخلق الفرص الجديدة. وفي المقابل حذر من أن هذا التطور يحمل معه تحديات ونقاط ضعف قد تزعزع الثقة بين الدول وتعطل المجتمعات وتهدد السلام العالمي ما يجعل العمل الجماعي ضرورة قصوى لتوجيه الفضاء السيبراني نحو تحقيق الصالح العام. وشدد الأمين العام على أهمية بناء شراكات عالمية ترتكز على أساس المسؤولية الجماعية والتضامن الدولي دون إهمال أي دولة أو مجتمع مؤكدا أن الأمم المتحدة ملتزمة برؤيتها الراسخة نحو فضاء سيبراني مفتوح آمن ومستند إلى القانون الدولي وأن تحقيق هذه الرؤية يستلزم تمكين جميع الدول من امتلاك القدرات اللازمة لتعظيم الفرص ومواجهة المخاطر.
ويرى خبراء متخصصون في الشأن التقني أن المنتدى يسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في قيادة الجهود الدولية لتعزيز التعاون لمواجهة التهديدات الرقمية. وتأتي كلمة الأمين العام للأمم المتحدة لتؤكد على أهمية الشراكات القائمة على المسؤولية المشتركة وهي رؤية تتبناها السعودية وتدفع بها من خلال مبادرات عالمية جريئة تشمل حماية الطفل وتمكين المرأة في قطاع الأمن الرقمي. وتعد هذه المبادرات تحولات جوهرية تعيد رسم ملامح المشهد السيبراني العالمي وتستند إلى أسس مؤسسية قوية مثل إنشاء مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني بأمر ملكي في عام 2023 بهدف توحيد الجهود وتسهيل تبادل الخبرات بين الحكومات والخبراء.
ويصف مختصون تقنيون دوليون المنتدى بأنه يمثل نقلة نوعية في طريقة التعامل مع التحديات الرقمية على المستوى العالمي فهو لم يعد مجرد ملتقى للنخب التقنية والسياسية بل تحول إلى منصة عملية تهدف إلى صياغة حلول مشتركة قادرة على تأسيس مرحلة جديدة من الأمن الرقمي. ويظهر المنتدى الدور السعودي المحوري في صناعة السياسات السيبرانية العالمية من خلال تبني مبادرات استراتيجية تركز على بناء القدرات وتنمية الكفاءات البشرية لضمان استجابة شاملة ومتوازنة للمخاطر الرقمية المتزايدة.
وتعكس المبادرة العالمية لبناء القدرات الدولية التي أطلقتها المملكة بالشراكة مع الأمم المتحدة رؤية سعودية طموحة تجمع بين تحقيق الأمان الرقمي والشمولية وتحول التحديات إلى فرص اقتصادية واجتماعية تدعم السلام العالمي. وتمثل هذه المبادرة مظلة دولية توحد الجهود وتسمح بتبادل الموارد والخبرات مما يعزز مستوى الجاهزية العالمية في مواجهة التهديدات السيبرانية.
لا يعتبر المنتدى حدثا مؤقتا بل هو منصة دائمة تهدف إلى بناء جسور التعاون وتعزيز الثقة وحماية المجتمعات من المخاطر الرقمية. وبهذه الرؤية تحولت المملكة إلى مركز حيوي للابتكار السيبراني يجمع صناع القرار والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم لصياغة مستقبل رقمي آمن. وما يميز أجندة المنتدى هو شموليتها التي تتناول قضايا اجتماعية دقيقة وهو ما يؤكد أن الأمن السيبراني لم يعد قضية تقنية بحتة بل أصبح قضية اجتماعية واقتصادية وأخلاقية. وبهذا يكرس المنتدى مكانة السعودية كمركز عالمي للابتكار الرقمي ويعيد تعريف مفهوم الأمن السيبراني لينتقل من مجرد كونه دفاعا تقنيا إلى إطار شامل للتنمية البشرية والتعاون الدولي.