
في تحول إداري هو الأضخم بتاريخ العاصمة السعودية أعلنت أمانة منطقة الرياض عن إطلاق هيكل بلدي جديد يعيد رسم ملامح الإدارة المحلية وينقلها إلى مرحلة متقدمة من الكفاءة واللامركزية التشغيلية حيث تم بموجبه إنهاء العمل رسميا بكافة البلديات الفرعية ومبانيها التقليدية ليبدأ فصل جديد في مسيرة تطوير الخدمات المقدمة لسكان المدينة.
كان النموذج الإداري السابق يعتمد على تقسيم العمل بين الأمانة التي تتولى 70% من المهام التشغيلية والبلديات الفرعية التي تقتصر مسؤوليتها على 30% فقط ضمن حدودها الجغرافية الضيقة وهو ما كان يخلق تحديات في تكامل الخدمات ويجعل حصول المستفيد عليها مرتبطا بنطاقه الإداري.
اليوم انتقلت الرياض إلى منظومة عمل مبتكرة تتجاوز حدود الأحياء والنطاقات التقليدية عبر تأسيس خمس مناطق تشغيلية رئيسية تغطي كامل المدينة وتعمل كل منطقة ككيان مستقل يقوده رئيس تنفيذي يتمتع بصلاحيات تشغيلية بنسبة مئة بالمئة ومعه فريق عمل متكامل مسؤول عن جودة الأداء وسرعة الاستجابة في نطاقه.
هذه الهيكلة الجذرية لم تكن مجرد تغيير في المسميات بل هي تحول عميق نحو مفهوم المدينة المؤسسية حيث تم استحداث إدارات تنفيذية متخصصة في كل منطقة من المناطق الخمس مدعومة بمنظومة موحدة لمؤشرات قياس الأداء وآليات رقابية تضمن تحقيق أعلى معايير الجودة والشفافية.
ومع هذا التغيير تحولت أمانة الرياض إلى جهاز استراتيجي يركز على المهام الكبرى مثل التخطيط الحضري ووضع السياسات والمعايير ومراقبة الأداء العام للمناطق التشغيلية بما يضمن التوافق مع رؤية العاصمة المستقبلية ويحررها من الأعباء التشغيلية اليومية لتتفرغ للتطوير والتخطيط بعيد المدى.
ولتسهيل وصول الخدمات إلى الجميع تم إنشاء شبكة من مكاتب الخدمات العصرية تحت اسم مدينتي تنتشر في جميع أنحاء الرياض وتقدم كافة الخدمات البلدية للمواطنين والمقيمين دون أي ارتباط بمكان سكنهم أو موقعهم الجغرافي مما ينهي تماما فكرة الحدود الإدارية في تجربة المستفيد.
تعتبر مكاتب مدينتي الواجهة الجديدة للخدمات البلدية فهي تعمل كذراع ميداني ورقمي للأمانة وتتيح للمستفيدين إنجاز معاملاتهم بكل سهولة ويسر سواء عبر القنوات الرقمية المتطورة أو من خلال زيارة أي فرع من فروعها المنتشرة مما يعزز رضا السكان ويرفع من جودة الحياة في العاصمة.
يأتي هذا المشروع الطموح كجزء من توجه وطني أوسع لحوكمة المدن السعودية وربط خطط التنمية المحلية بأهداف رؤية 2030 حيث تقدم الرياض نفسها كنموذج رائد في التحول البلدي الذكي الذي يوحد معايير الخدمة ويعزز كفاءة الإنفاق ويوجهه نحو مشاريع التنمية الحضرية والمجتمعية المستدامة.
إن تحول الرياض البلدي يمثل نقطة انطلاق نحو المستقبل حيث تُدار العاصمة كمدينة عالمية ذكية تستند قراراتها على البيانات والحوكمة التشغيلية الفعالة والمواطنة الرقمية لتصبح الرياض مرجعا حضريا في إدارة المدن التي تُبنى على الأداء والتميز ورضا المستفيد.