
يلعب البوتاسيوم أدوارا حيوية متعددة داخل جسم الإنسان فهو ليس مجرد معدن عادي بل إلكتروليت أساسي يساهم في تنظيم وظائف دقيقة وحساسة. تتراوح مهامه بين الحفاظ على توازن السوائل والإشارات العصبية وانقباض العضلات مما يجعله عنصرا لا غنى عنه لصحة القلب والأوعية الدموية والعظام ورغم ذلك فإن الكثيرين لا يحصلون على الكمية الموصى بها يوميا.
يساهم الحصول على كميات كافية من البوتاسيوم في تحقيق فوائد صحية جمة أبرزها خفض ضغط الدم المرتفع خاصة لدى الأفراد الذين يستهلكون كميات كبيرة من الصوديوم. كما يدعم صحة القلب عبر دوره في تنظيم إيقاع النبضات ويحمي وظائف العضلات والأعصاب من الضعف أو التشنجات. وتشير بعض الأبحاث إلى أن البوتاسيوم قد يقلل من خطر تكون حصوات الكلى ويساعد على تقليل فقدان الكالسيوم من الجسم عبر البول وهو ما يعزز صحة العظام على المدى الطويل.
على الجانب الآخر يمكن أن يؤدي نقص البوتاسيوم في الجسم وهي حالة تعرف باسم hypokalemia إلى الشعور بضعف عام في العضلات والتعب وتشنجات مؤلمة واضطراب في نبضات القلب. في المقابل فإن زيادة مستواه بشكل مفرط وهي حالة hyperkalemia تشكل خطرا كبيرا على انتظام ضربات القلب وقد تسبب مضاعفات خطيرة خاصة لدى المصابين بأمراض الكلى الذين تضعف لديهم قدرة الجسم على التخلص من الفائض.
تختلف الاحتياجات اليومية من البوتاسيوم بين الأفراد لكن الإرشادات العامة تشير إلى أن الرجال البالغين يحتاجون حوالي 3400 ملليجرام يوميا بينما تحتاج النساء البالغات إلى نحو 2600 ملليجرام مع وجود اختلافات طفيفة خلال فترات الحمل والرضاعة. هذه الأرقام لا تنطبق على الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في وظائف الكلى أو يتناولون أدوية معينة حيث يجب عليهم اتباع توصيات الطبيب المختص بدقة.
خلافا للاعتقاد الشائع بأن الموز هو المصدر الأبرز للبوتاسيوم تتصدر القائمة العديد من الأطعمة الأخرى التي تفوقه في المحتوى. تعتبر الخضراوات الورقية من أهم المصادر حيث يوفر كوب واحد من السبانخ المطبوخة أكثر من 800 ملليجرام. كما أن حبة بطاطس متوسطة الحجم مخبوزة بقشرتها قد تحتوي على ما يصل إلى 900 ملليجرام بالإضافة إلى البطاطا الحلوة واليقطين والسلق السويسري التي تعد مصادر ممتازة.
تأتي الفواكه والبقوليات أيضا ضمن قائمة الأغذية الغنية بهذا المعدن الهام. ثمرة أفوكادو واحدة يمكن أن تزود الجسم بما يقارب 975 ملليجرام بينما تحتوي الطماطم المجففة على كميات مكثفة تتجاوز 1800 ملليجرام في الكوب الواحد. وتعد الفواكه المجففة مثل المشمش والزبيب مصادر مركزة بالإضافة إلى البطيخ. أما البقوليات مثل الفاصوليا البيضاء والحمراء وفول الصويا فتقدم مئات الملليجرامات في كل كوب مطبوخ.
لا تقتصر مصادر البوتاسيوم على النباتات فقط فالمنتجات الحيوانية تلعب دورا مهما أيضا. يعتبر سمك السلمون البري خيارا مثاليا لأنه يوفر البروتين وأحماض أوميجا 3 إلى جانب كمية جيدة من البوتاسيوم. وتحتوي اللحوم والدواجن على نسب معقولة من المعدن كما تقدم منتجات الألبان كالحليب والزبادي كميات متوسطة يمكن دمجها بسهولة في النظام الغذائي اليومي.
عند التعامل مع الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم من المهم الانتباه لبعض النقاط التحذيرية. يجب على مرضى الكلى المزمنة أو من يتناولون أدوية تؤثر على مستويات البوتاسيوم في الجسم مثل بعض مدرات البول ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين الالتزام الصارم بتعليمات الطبيب لتجنب أي مضاعفات. ويفضل دائما الحصول على البوتاسيوم من مصادره الغذائية الطبيعية وتجنب المكملات إلا تحت إشراف طبي صارم. وللحفاظ على قيمته الغذائية يوصى بطهي الخضراوات بالبخار بدلا من سلقها في الماء.