في خضم تسارع وتيرة الحياة المعاصرة وما تفرضه من تحديات وضغوط متزايدة يبرز التساؤل حول الأسرار التي تكمن وراء نجاح النساء الرائدات في مختلف الميادين المهنية والشخصية. إن سر تفوقهن لا يقتصر فقط على مهاراتهن العملية بل يبدأ في الساعات الهادئة التي تسبق بزوغ الفجر حيث يصنعن أسس يوم حافل بالإنجاز والإنتاجية.
يكشف خبراء الصحة النفسية أن هناك مجموعة من العادات الصباحية المشتركة التي تميز النساء الناجحات وتمنحهن الأسبقية قبل حلول الساعة الثامنة صباحا. يأتي في مقدمة هذه العادات التخطيط الاستباقي لليوم فالمرأة الناجحة لا تترك يومها للصدفة أو الفوضى بل تبدأ بتحديد أولوياتها بوضوح مستخدمة دفتر ملاحظات أو تطبيقا إلكترونيا لتدوين أهم ثلاث مهام رئيسية يجب إنجازها إلى جانب جدول زمني للمواعيد والاجتماعات وأيضا تخصيص أوقات للراحة والعائلة. هذه العملية لا تمنحها خريطة طريق واضحة فحسب بل تقلل من التشتت الذهني وتمنع استنزاف الطاقة في اتخاذ قرارات عشوائية على مدار اليوم مما يتيح لها تركيزا أعلى على ما هو مهم حقا.
ولتنفيذ هذا التخطيط بفاعلية فإن الاستيقاظ المبكر يعد حجر الزاوية في روتينهن الصباحي. النهوض في الساعة الخامسة أو السادسة صباحا يمنحهن وقتا ثمينا خاليا من المقاطعات والضجيج وهو ما يعرف بالساعة الذهبية. في هذا الوقت يكون العقل في أقصى درجات صفائه والجسد مستعدا للانطلاق مما يجعله مثاليا للتأمل الهادئ والتفكير العميق والاهتمام بالنفس قبل الانغماس في زحمة المسؤوليات اليومية وبذلك يبدأن يومهن وهن في موقع السيطرة لا في حالة من التسرع والارتباك.
تدرك النساء الناجحات أن الجسد هو وعاء العقل والروح ولذلك يمنحن النشاط البدني أولوية قصوى في الصباح الباكر. لا يُنظر إلى الرياضة على أنها مجرد وسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية بل كأداة أساسية لشحذ الذهن وتعزيز الحالة المزاجية. ممارسة التمارين الرياضية لمدة عشرين دقيقة فقط سواء كانت جلسة يوغا مرنة أو مشيا سريعا في الهواء الطلق أو حتى تمارين تنفس وتأمل بسيطة كفيلة بتنشيط الدورة الدموية وتحفيز إفراز هرمونات السعادة وتقليل مستويات التوتر مما ينعكس إيجابيا على إنتاجيتهن وقدرتهن على مواجهة التحديات اليومية.
كما أن تزويد الجسم بالوقود المناسب لا يقل أهمية عن أي عادة أخرى. وجبة الإفطار بالنسبة للمرأة الناجحة ليست رفاهية يمكن التغاضي عنها بل هي ضرورة حتمية لإمداد العقل والجسد بالطاقة اللازمة. يتم التركيز على وجبة متوازنة وغنية بالعناصر الغذائية مثل البروتينات الموجودة في البيض والألياف من التوست الأسمر والدهون الصحية من الأفوكادو. كما يشمل النظام الصباحي شرب كمية كافية من الماء وغالبا ما يبدأن بكوب من الماء الدافئ مع الليمون لتنشيط الجسم وتجنب المشروبات المليئة بالسكريات التي تسبب تقلبات في الطاقة.
أخيرا وقبل الانطلاق في مهام اليوم تخصص المرأة الناجحة بضع دقائق للتواصل مع ذاتها وتنمية الجانب الروحي. تتضمن هذه اللحظات الثمينة ممارسة الامتنان عبر تدوين ثلاثة أشياء بسيطة يشعرن بالعرفان تجاهها أو ترديد تأكيدات إيجابية مثل أنا قادرة على تحقيق أهدافي أو أنا أستحق النجاح. هذه الدقائق القليلة تعمل على إعادة برمجة العقل الباطن نحو الإيجابية وتعزز الشعور بالسلام الداخلي والثقة بالنفس وهي أصول لا تقدر بثمن في رحلة تحقيق النجاح.
