
يعاني الكثير من الأفراد خصوصا الأمهات مع أطفالهن حديثي الولادة من مشكلة النوم المتقطع التي تتجاوز آثارها مجرد الشعور بالخمول والكسل وصعوبة التركيز خلال اليوم لتصل إلى أضرار صحية جسيمة قد لا يلتفت إليها البعض حيث تضعف مناعة الجسم وتزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري.
وتشير أخصائية التغذية العلاجية مرام عيسى إلى أن النوم عملية حيوية بالغة الأهمية لإصلاح أنسجة الجسم وتجديد طاقته ودعم وظائف الدماغ وعندما يتعرض هذا النوم للتقطع المستمر تبدأ سلسلة من الأضرار الجسدية والنفسية في الظهور والتفاقم مع مرور الوقت فالأمر يتعدى مجرد الشعور بالتعب.
على المستوى الذهني والنفسي يؤثر النوم المتقطع بشكل مباشر على وظائف الدماغ إذ إنه يمنع الوصول إلى مراحل النوم العميق اللازمة لتنظيم الذاكرة وتعزيز الانتباه والتركيز فيصبح الشخص أكثر عرضة للنسيان ويجد صعوبة في اتخاذ القرارات السليمة كما يؤدي إلى تقلبات مزاجية حادة وشعور دائم بالقلق والتوتر وقد تتطور هذه الحالة إلى اكتئاب مزمن أو نوبات هلع بسبب تأثيره السلبي على الناقلات العصبية المسؤولة عن السعادة مثل السيروتونين والدوبامين.
ولا يقتصر التأثير على ذلك بل يمتد ليضعف أداء الجهاز العصبي ويبطئ ردود الفعل مما يقلل من التنسيق بين الدماغ والعضلات ويزيد من احتمالية وقوع الحوادث سواء أثناء القيادة أو في بيئة العمل لأن الشخص يكون أقل يقظة وأبطأ في الاستجابة للمؤثرات الخارجية كما كشفت الأبحاث أن الحرمان من النوم المتصل يقلل من قدرة الدماغ على التخلص من البروتينات السامة المرتبطة بمرض ألزهايمر مما يرفع خطر الإصابة بالخرف وتراجع القدرات الإدراكية مع التقدم في العمر.
من الناحية الجسدية يتسبب النوم المتقطع في إحداث خلل كبير في توازن الهرمونات فترتفع مستويات هرمون التوتر الكورتيزول الذي يحفز تخزين الدهون خاصة في منطقة البطن وفي المقابل يحدث اضطراب في هرموني اللبتين والغريلين المسؤولين عن الشعور بالشبع والجوع مما يدفع الشخص إلى اشتهاء السكريات والأطعمة الدسمة ويؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة.
كما أن له تأثيرا خطيرا على صحة القلب والأوعية الدموية فتشير الدراسات إلى أن عدم انتظام النوم يمنع الأوعية الدموية من الحصول على الاسترخاء الكافي مما يسبب تصلبها بمرور الوقت ويرفع معدلات ضغط الدم ويزيد من خطر اضطرابات نبضات القلب ويؤثر كذلك على قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم مما يجعله أحد العوامل المساعدة في الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
يؤثر النوم المتقطع أيضا على جهاز المناعة بشكل كبير فالنوم العميق والمتواصل يحفز إنتاج خلايا الدم البيضاء والبروتينات الدفاعية التي تحارب الفيروسات والبكتيريا وعندما يكون النوم متقطعا تنخفض كفاءة الجهاز المناعي ويصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والالتهابات المتكررة.
ولا تتوقف الأضرار عند هذا الحد بل تنعكس سلبا على المظهر الخارجي إذ يقل إفراز بروتين الكولاجين المسؤول عن نضارة البشرة ومرونتها فتظهر الهالات السوداء والانتفاخات تحت العينين ويبدو الوجه شاحبا كما تتسارع علامات الشيخوخة المبكرة مثل التجاعيد كما يؤثر على الأداء الجنسي والخصوبة نتيجة انخفاض هرموني التستوستيرون لدى الرجال والإستروجين لدى النساء مما يضعف الرغبة ويسبب الإرهاق الجسدي والنفسي.
ولتجنب مخاطر النوم المتقطع وتحسين جودة النوم ينصح الخبراء بضرورة الالتزام بجدول نوم واستيقاظ ثابت حتى في أيام العطلات وتهيئة بيئة نوم مريحة هادئة ومظلمة وينبغي تجنب تناول المنبهات مثل الشاي والقهوة قبل النوم بأربع ساعات على الأقل مع تقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية التي يصدر منها ضوء أزرق يؤثر على إفراز هرمون النوم ويمكن لممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق أن تساعد في تهدئة الأعصاب قبل الخلود إلى الفراش كما يفضل عدم تناول وجبات دسمة أو ثقيلة ليلا وفي حال استمرت المشكلة لأكثر من أسبوعين يجب استشارة الطبيب.