اليوم العالمي للفتاة يكشف حقيقة صادمة: 120 مليون طفلة بلا تعليم

اليوم العالمي للفتاة يكشف حقيقة صادمة: 120 مليون طفلة بلا تعليم
اليوم العالمي للفتاة يكشف حقيقة صادمة: 120 مليون طفلة بلا تعليم

في الحادي عشر من أكتوبر من كل عام يجدد العالم التزامه بحقوق الفتيات من خلال الاحتفال باليوم العالمي للفتاة وهي مناسبة أطلقتها الأمم المتحدة قبل أكثر من عقد لتسليط الضوء على التحديات الفريدة التي تواجه الفتيات في كل مكان ورغم مرور السنوات والتقدم المحرز في العديد من المجالات لا تزال هذه المناسبة دعوة ملحة للعمل أكثر من كونها مجرد احتفال إذ تؤكد على أن تمكين الفتيات ليس مجرد قضية حقوقية بل هو أساس التنمية المستدامة والمجتمعات العادلة.

يظل التعليم أحد أبرز الحقوق المؤجلة لملايين الفتيات حول العالم حيث تشير التقارير إلى أن ما يقرب من 120 مليون فتاة في سن الدراسة ما زلن خارج الفصول الدراسية وتتركز غالبيتهن في المناطق التي تعاني من الفقر والنزاعات المسلحة فالفقر يدفع العديد من الأسر إلى تفضيل تعليم الأبناء الذكور أو تزويج بناتهن في سن مبكرة لتخفيف الأعباء المالية كما أن الحروب تدمر البنية التحتية التعليمية وتجعل طريق المدرسة محفوفا بالمخاطر وحتى مع ظهور التعليم الرقمي كحل بديل فإن الفجوة الرقمية تحول دون استفادة الفتيات في المناطق المهمشة منه بسبب نقص الأجهزة أو ضعف الاتصال بالإنترنت ليتحول التعليم من حق أساسي إلى امتياز.

تتداخل قضية التعليم بشكل وثيق مع ظاهرة الزواج المبكر التي تسرق طفولة الفتيات وتجهز على أحلامهن فبحسب التقديرات الدولية فإن واحدة من كل خمس فتيات في العالم تتزوج قبل أن تبلغ الثامنة عشرة من عمرها وتظل الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة قائمة في العديد من المجتمعات حيث يلعب الفقر دورا كبيرا في دفع الأسر للتخلي عن بناتهن كما تساهم بعض الأعراف الاجتماعية التي ترى في الزواج المبكر سترا للفتاة في استمرار هذه الممارسة المدمرة فضلا عن ضعف القوانين الرادعة أو عدم تطبيقها بصرامة والنتيجة هي حرمان الفتاة من تعليمها وتعريضها لمخاطر العنف الأسري والمضاعفات الصحية المرتبطة بالحمل والولادة في سن مبكرة.

إلى جانب هذه التحديات التقليدية تواجه الفتيات اليوم أشكالا جديدة ومتطورة من العنف والتحرش لا تقتصر على الأماكن العامة أو المدارس بل امتدت إلى الفضاء الرقمي الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهن فالابتزاز الإلكتروني والتحرش عبر منصات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية باتا خطرا صامتا يهدد سلامتهن النفسية والجسدية ومما يزيد الأمر سوءا هو استمرار ثقافة لوم الضحية في بعض المجتمهات التي تحمل الفتاة مسؤولية ما تتعرض له بدلا من محاسبة المعتدي كما أن الخوف من الفضيحة يدفع الكثيرات إلى الصمت مما يترك ندوبا نفسية عميقة مثل فقدان الثقة بالنفس والقلق الاجتماعي.

في هذا السياق المتشابك برزت الصحة النفسية للفتيات كواحدة من أكثر القضايا إلحاحا حيث تظهر الدراسات الحديثة ارتفاعا مقلقا في معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل بين المراهقات وتعود هذه الزيادة إلى مجموعة من الضغوط المعقدة أبرزها المقارنة المستمرة مع صور غير واقعية للجمال والنجاح تروج لها مؤثرات وسائل التواصل الاجتماعي فضلا عن ضغوط التفوق الدراسي والتنمر الإلكتروني وفي ظل ضعف برامج الدعم النفسي في المدارس وغياب الوعي الكافي لدى بعض الأسر التي قد تستهين بمشاعر الفتاة تجد الكثيرات أنفسهن يواجهن هذا الوجع غير المرئي بمفردهن.

كما أن الأزمات العالمية الكبرى مثل التغيرات المناخية والاضطرابات الاقتصادية تلقي بظلالها الثقيلة على الفتيات بشكل خاص ففي المناطق المتضررة من الجفاف أو الكوارث الطبيعية غالبا ما تكون الفتيات أول من يتم إخراجهن من المدارس للمساعدة في أعباء الأسرة أو يتم تزويجهن قسرا لتقليل النفقات وبالمثل فإن ارتفاع تكاليف المعيشة قد يدفع الفتيات إلى سوق العمل في سن مبكرة وفي ظروف غير آمنة تعرضهن للاستغلال والحرمان من أبسط حقوقهن.

ورغم أن التكنولوجيا فتحت أبوابا جديدة للمعرفة والتعبير والتمكين إلا أنها تظل سلاحا ذا حدين يتطلب استخداما واعيا وموجها فالتحدي الأكبر اليوم هو تزويد الفتيات بالمهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا كأداة لبناء الذات وليس كوسيلة لهدمها أو الوقوع في فخاخ المحتوى السطحي والمقارنات المدمرة للصورة الذاتية.

إن الدعم الحقيقي للفتيات يتجاوز مجرد الاحتفالات السنوية ويتطلب سياسات فاعلة وتغييرا ثقافيا عميقا ويشمل ذلك ضمان تعليم شامل وآمن في بيئة خالية من التمييز وتطبيق تشريعات صارمة لمكافحة الزواج المبكر وكافة أشكال العنف مع توفير برامج متكاملة للدعم النفسي والاجتماعي في المدارس والمجتمعات المحلية بالإضافة إلى تمكينهن اقتصاديا وتغيير الصورة النمطية التي تحصرهن في أدوار محددة.

بعد أكثر من عقد على إطلاق يومهن العالمي لا تزال الفتاة في عام 2025 بحاجة ماسة إلى الإيمان بقدراتها والاستماع إلى صوتها ومنحها الفرصة الكاملة لرسم مستقبلها دون خوف أو قيود فكل فتاة تحصل على حقها في التعليم والحماية والأمان النفسي تمثل استثمارا في مستقبل مجتمع أكثر عدلا وإنسانية.