
يعد البصل الأخضر عنصرا غذائيا متعدد الأوجه يتجاوز دوره مجرد تزيين الأطباق أو إضافة نكهة منعشة للسلطات والمأكولات المختلفة حول العالم فهو كنز صحي غني بالمركبات النباتية والمغذيات الأساسية التي تمنحه قدرة فائقة على تعزيز صحة الجسم وحمايته من الأمراض المختلفة.
ينتمي البصل الأخضر إلى عائلة الخضروات الأليومية التي تشمل الثوم أيضا وتشتهر هذه العائلة باحتوائها على مركبات نباتية فريدة تمتلك خصائص وقائية وعلاجية ملحوظة حيث تلعب دورا مهما في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وتزخر خضروات هذه العائلة بمغذيات نباتية ومواد كيميائية تُعرف بمضادات الأكسدة مثل الفلافونويدات والبوليفينولات التي تعمل كخط دفاعي قوي لحماية خلايا الجسم من التلف الناتج عن الجذور الحرة وهي جزيئات غير مستقرة قد تؤدي إلى تطور أمراض القلب والسرطان والحالات الصحية المرتبطة بالشيخوخة.
قد تسهم المركبات الموجودة في البصل الأخضر وخضروات الأليوم الأخرى في إبطاء نمو الخلايا السرطانية خاصة سرطان المعدة. ويعتقد الخبراء أن مركب الأليسين المسؤول عن النكهة القوية المميزة لهذه الخضروات يمتلك القدرة على منع تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية أو إبطاء انتشار الأورام الموجودة بالفعل.
يُستخدم البصل الأخضر بفضل نكهته المنعشة في المطابخ العالمية لإضفاء لمسة مميزة على الأطباق المتنوعة. يتمتع الجزء الأخضر الأنبوبي المجوف بنكهة بصلية خفيفة ولطيفة بينما يقدم الجزء الأبيض الصغير في الأسفل نكهة أقوى وأكثر تركيزا مما يجعله مكونا مثاليا للحساء والمقليات والسلطات وأي وصفة تحتاج إلى نكهة عميقة.
إلى جانب دوره في الوقاية من الأمراض المزمنة يشتهر البصل الأخضر بخصائصه المضادة للميكروبات فقد استُخدمت مستخلصات نباتات عائلة البصل منذ القدم كعلاجات طبيعية لقدرتها على قتل البكتيريا والفطريات والفيروسات. وقد أظهرت الاختبارات المعملية الحديثة أن تركيزات عالية من مستخلصات بعض أنواع البصل يمكنها بالفعل قتل أو إبطاء نمو سلالات بكتيرية خطيرة مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية.
يُعتبر البصل الأخضر مصدرا جيدا للألياف الغذائية الضرورية لصحة الجهاز الهضمي حيث يوفر كوب واحد من البصل المقطع حوالي عشرة بالمئة من الاحتياج اليومي للألياف. يساعد تناول كمية كافية من الألياف على زيادة الشعور بالشبع لفترة أطول والمساهمة في خفض مستويات الكوليسترول في الدم وتقليل فرص الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب.
يعمل البصل الأخضر أيضا على تقوية جهاز المناعة بفضل محتواه من فيتامين ج ومركب الكيرسيتين وهو أحد أنواع الفلافونويدات. يعمل هذان المركبان معا على تعزيز قدرة الجسم على محاربة العدوى والأمراض المختلفة والحفاظ على صحة الجهاز المناعي.
على الرغم من فوائده العديدة يجب على فئات معينة التعامل بحذر مع البصل الأخضر. فهو يحتوي على نسبة عالية من فيتامين ك الذي يلعب دورا في تخثر الدم وقد يتعارض مع عمل أدوية سيولة الدم التي توصف للوقاية من الجلطات والسكتات الدماغية والنوبات القلبية لذا ينبغي على المرضى الذين يتناولون هذه الأدوية استشارة الطبيب.
قد يعاني بعض الأشخاص من حساسية نادرة تجاه البصل ونباتات الأليوم الأخرى. تحدث هذه الحساسية عندما يهاجم جهاز المناعة مركبا في الطعام ويطلق مادة الهيستامين مما يسبب أعراضا مثل الطفح الجلدي والحكة في الفم وتورم الوجه وآلام المعدة. وفي حالات نادرة قد يحدث رد فعل تحسسي شديد يعرف بالتأق وهو حالة طبية طارئة.
من جهة أخرى قد يعاني البعض من عدم تحمل البصل الأخضر وهو أمر أكثر شيوعا وأقل خطورة من الحساسية. ويعني عدم التحمل أن الجسم يجد صعوبة في هضم مكون معين في البصل مما يؤدي إلى أعراض هضمية مثل الانتفاخ والغازات وآلام المعدة والتي تظهر عادة بعد تناول كميات كبيرة منه.