
تجد الكثير من النساء أنفسهن مع نهاية كل أسبوع عمل طويل وشاق في مواجهة واقع مختلف عن توقعاتهن بالراحة والاسترخاء. فبدلاً من أن تكون عطلة نهاية الأسبوع فرصة لالتقاط الأنفاس تتحول إلى جولة جديدة من الالتزامات المنزلية والمهام المؤجلة مما يجعلهن يبدأن الأسبوع التالي وهن يعانين من الإرهاق الذهني والجسدي.
وفي هذا السياق تؤكد شيرين محمود المتخصصة في التوازن النفسي والعاطفي أن مفتاح كسر هذه الدائرة المفرغة يكمن في التصالح مع الذات. وأوضحت أن هذه الخطوة ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية وأن القليل من الوعي والرحمة بالنفس يمكن المرأة من استقبال أسبوعها بروح متجددة وطاقة هادئة بعيداً عن الشعور بالإنهاك.
إن أولى خطوات استعادة التوازن تبدأ بالاعتراف الصريح بالتعب وهي حقيقة تتجاهلها نساء كثيرات حيث إن إنكار الإجهاد لا يلغيه بل يفاقم من آثاره النفسية. فالإقرار بالحاجة للراحة ليس علامة ضعف بل هو مؤشر وعي ناضج بحدود الجسد والعقل. ويأتي مع هذا الاعتراف ضرورة ممارسة الغفران للذات بدلاً من جلدها على أخطاء بسيطة أو تقصير غير متعمد. فبدلاً من ترديد عبارات اللوم مثل لم أكن منظمة أو كنت عصبية يمكن للمرأة أن تسأل نفسها عن الدروس المستفادة فالتجارب المجهدة هي فرص للتعلم وليست مجرد إخفاقات.
وللانطلاق نحو بداية جديدة من الضروري إغلاق صفحة الأسبوع الماضي بوعي. ويمكن تحقيق ذلك رمزياً عبر تدوين المواقف المسببة للتوتر ثم كتابة عبارة تؤكد انتهاءها وبدء صفحة جديدة. هذا الفعل يساعد على تفريغ الشحنات السلبية ومنعها من التسلل إلى الأسبوع المقبل. وبعد هذا التطهير الذهني يأتي دور التنظيم الواقعي للأسبوع الجديد عبر تحديد ثلاث أولويات رئيسية فقط بدلاً من وضع قائمة مهام طويلة تسبب الإرهاق قبل البدء. اختيار مهام بسيطة في البداية يمنح شعوراً بالإنجاز ويعطي دفعة نفسية قوية.
مفهوم الراحة الحقيقية يتجاوز مجرد النوم لساعات طويلة أو الجلوس أمام الشاشات فهو يشمل إعادة التوازن للجسد والروح معاً. قد تكون الراحة في نزهة قصيرة بالطبيعة أو جلسة هادئة مع مشروب دافئ أو حمام دافئ وموسيقى هادئة. إن دعم الجسم هو أساس لدعم النفس فالجسد المنهك لا يستطيع توفير طاقة إيجابية. لذا من المهم بدء الأسبوع بشرب كميات كافية من الماء وتناول فطور مغذ وتخصيص دقائق معدودة للمشي أو ممارسة تمارين التنفس العميق. هذه العادات البسيطة ترسل إشارات إيجابية للعقل بأنك تستحقين الرعاية.
لا يقتصر الإرهاق على الجانب الجسدي أو العملي بل قد ينبع من فراغ عاطفي أو ضغوط شعورية. لذلك من المهم إعادة شحن الطاقة العاطفية من خلال قضاء وقت مع الأشخاص الإيجابيين الذين يمنحون دعماً نفسياً والابتعاد عن مصادر الطاقة السلبية والشكوى الدائمة. ويمكن تعزيز هذا التوازن بوضع نية واضحة للأسبوع الجديد كأن تقرري أن تعاملي نفسك بلطف أو أن تحافظي على هدوئك. هذه النية تعمل كبوصلة ذهنية توجه قراراتك وتساعدك على التحكم بمشاعرك.
يعد تقدير الذات ضرورياً لاستعادة الثقة بالنفس. من المفيد أن تدون المرأة ثلاثة أمور تشعر بالفخر تجاهها مهما كانت بسيطة سواء كانت إنجازاً مهنياً أو صبراً في موقف صعب. شكر الذات على الجهد المبذول يعزز الشعور بالرضا الداخلي. ويجب التذكر أن البدايات الجديدة لا تتطلب الكمال فالراحة ليست ترفاً بل ضرورة والتعب ليس نهاية المطاف. كل أسبوع يمثل فرصة للتصالح مع الذات والاقتراب من السلام الداخلي بخطوات واعية ومتأنية.